السؤال
أنا شاب متزوج حديثًا، تزوجت بفتاة منذ سنة تقريبًا، في بداية زواجنا غضبت وقلت لها: أنت طالق. وبعد بضعة ساعات أردفتها بأخرى، مع العلم أني ما كنت أعي شيئًا عن الطلاق، وواصلت حياتي طبيعيًّا في نفس اليوم، أقصد: جامعتها وعشنا حياتنا كأن لم يكن أي شيء، ومرت الأيام والشهور، وقبل عدة أشهر من الآن كنت غاضبًا من تصرفاتها، وقلت لها أيضًا: أنت طالق. وهي لا تريد الطلاق، وأنا أيضًا لا أريد الطلاق.
أنا في بلاد الغربة، ولم أذهب لأحد يفتيني في حالتي هذه؛ لأني كنت متذكرًا أني لا أريد الطلاق، وهي أيضا لا ترغب بالطلاق، والآن حياتنا طبيعية، ولا أدري هل لي حساب لكل ما مضى أم ماذا؟ وهل يقع الطلاق؟ مع العلم أني لم أنو طلاقها إلا مرة واحدة، وكان بسبب الغضب، وحقيقة لا أدري مقدار الغضب الذي كنت فيه لأني كنت مستاء جدًّا أثناء نطقي بالطلاق عليها؛ لأني أحبها، وهي تبادلني نفس الإحساس، وفي كل حالات الغضب تلك كنت أواصل حياتي طبيعيًّا إلى الآن.
وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، ولا يعذر فيه بالجهل بأحكامه، ولا بالغضب الذي لا يسلب العقل؛ قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: "وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ؛ مِنْ كُفْرٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ، وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَلَاقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ" مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 322).
وعليه؛ فالذي يظهر لنا من سؤالك: أنّك طلقت امرأتك ثلاث تطليقات، وبذلك تكون قد بانت منك بينونة كبرى؛ فلا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجًا آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
لكنّ بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ الطلاق المتتابع دون عقد أو رجعة يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 192961.
والأولى في مثل هذه المسائل أن تعرض على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
والله أعلم.