السؤال
كي لا أطيل، لي قريب (ليس صيدلانيا) يعمل في الصيدلية المجاورة لمنزلنا، وهو ليس طالبا ولا خريج كلية الصيدلة، ويعمل في الصيدلية، حاولت أن أقنعه أنه ليس أهلاً لهذه المهنة حتى وإن ظن هذا، فهذا لا يحق له أن يفتي بغير علم أو دراسة، واستشهدت له بأن كونه يظن نفسه فعالاً في هذا لا يعني أنه صالح لهذا الدور وأنه لا يحل له هذا، واستشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ ولو أصاب، إذ قال شيخ الاسلام عن الحديث: من قال في القرآن برأيه، فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمِر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأتِ الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب، ولكنه لم يقتنع، وقال لي: إنه "أكل عيش وأنه ما دام قانون البلد غير مشدد فليست هناك مشاكل".
وحاولت أن أقنعه بأنه حتى في البلدان المتقدمة نسبياً في الرعاية الصحية أن هذا الأمر ممنوع، وأيما صيدلية وُجد فيها رجل يقوم بالمهنة لا يحمل رخصة مزاولة فإنه يتعرض للعقوبة القانونية.
فسؤالي: هل ما قلت له صحيح من الناحية الشرعية؟ وما حكم المال الذي يكتسبه من هكذا عمل؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول قريبك: (ما دام قانون البلد غير مشدد فليست هناك مشاكل) قد يفهم منه أن نوع العمل الذي يقوم به في الصيدلية لا يمنع القانون والجهات المختصة من ممارسته له، فإن كان الأمر كذلك، وكان عمله مقتصرا على مناولة الدواء المكتوب في الوصفات الطبيبة ونحو ذلك مما لا يحتاج إلى تخصص أو دراسة أو إجازة من الجهات المختصة، فلا مانع من ذلك.
أما مزاولة مهنة الصيدلي حقيقة من قبل شخص غير مؤهل فهو أمر خطير يترتب عليه ضرر لا يخفى وقد تقدم ذكر تحريم ذلك في الفتوى رقم: 96913.
وإذا حكمنا بحرمة هذا العمل لما يترتب عليه من أضرار ومخالفة للقوانين المرعية المنظمة لهذه المهنة الخطيرة حكمنا بحرمة أجرته (الراتب)، لعموم الحديث: إن الله إذا حرم على قوم شيئا حرم عليهم ثمنه. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.
و قد نص الفقهاء على أن الطبيب غير الماهر لا يستحق أجرة على عمله، كما قال ابن حجر الهيتمي في (تحفة المحتاج)، وقال الرملي في (نهاية المحتاج): لا شيء له في مقابلة عمله؛ لأنه لا يقابل بأجرة لعدم الانتفاع به، بل الغالب على عمل مثله الضرر. اهـ.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 147999.
ثم إننا ننبه الأخ السائل على الفرق بين ذلك وبين القول في القرآن بالرأي؛ فإن هذا الأخير يتعلق فيه الخطأ بالله تعالى وكلامه وأحكام دينه! فهو من جنس القول على الله بغير علم، الذي هو أشنع الذنوب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 259822. وهذا يختلف عن الكلام في أمور الدنيا والمعاش، حتى ولو تعلقت بصحة الأبدان، ولهذا يخشى على السائل أن يكون أقرب إلى مثل هذا الخطأ من قريبه.
والله أعلم.