السؤال
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
سؤال: كيف يدخل الجن الانسانَ بطريقةِ عَيْنِ الحسد؟ هل معنى هذا أن أحدا إن حَسَد غيرَه في شيء يدخل المحسودَ الجنُّ؟ أنا لا أفهم مَن يُرسِلُ هذا الجنَّ بعد عين حاسدةٍ؟ أم أنه يكفي مجردُ عين الحسدِ مِن أحد الناس والجنُّ بنفسه يَدْخُلُ حتى الحاسد لا يعلم بدخول الجن غيرَه (المحسود).
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما دخول الجن بدن الإنسان فهو أمر ثابت في الشرع، فقد جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: الحمد لله، وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق سلف الأمة وأئمتها، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، قال الله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: [أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم] وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قلت لأبي: إن أقواما يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع فقال: يا بني يكذبون هذا يتكلم على لسانه، وهذا الذي قاله أمر مشهور فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما والمصروع مع ذلك لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع وغير المصروع، ويجر البساط الذي يجلس عليه، ويحول آلات، وينقل من مكان إلى مكان، ويجر غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان، وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك. اهـ
واعلم أن العين يراد بها إصابة العائن لمن يراه بالعين، يقال: تعين الرجل المال أصابه بالعين كذا في مختار الصحاح واللسان.
وليس عندنا ما يجزم به في كيفية دخول الجن بدن المحسود، ولكن بعض أهل العلم ذكر أن الجن قد يدخل من دون استدعاء من الحاسد، وقد ورد في دخول الجن بدن المحسود أثر ضعيف، وهو: العين حق، ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم. قال الألباني في السلسلة الضعيفة: ضعيف، أخرجه أحمد ( 2/439 ) ، وعنه الطبراني في "مسند الشاميين" ( 1/265/459 )، وهذا عن أبي مسلم الكشي أيضا ، كلاهما عن ثور بن يزيد عن مكحول عن أبي هريرة، مرفوعا به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الهيثمي ( 5/107 ): رجاله رجال الصحيح . قلت: لكنه منقطع، فإن مكحولا عن أبي هريرة مرسل كما في "الميزان" للذهبي ....اهـ
وقال ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد: والشيطان يقارن الساحر والحاسد، ويحادثهما ويصاحبهما، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشياطين؛ لأن الحاسد شبيه بإبليس، وهو في الحقيقة من أتباعه؛ لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعمة الله عنهم. اهـ.
والله أعلم.