السؤال
أنا فتاة، والكل يقول لي إنني ذات نية سوداء، ويقولون إنني لا أصفي النية أبدا.
كيف يمكنني العيش بنية سليمة، وصافية؟ وما هي الأمور التي تجعل النية سوداء؟؟
فإنني لا أعرف التعامل مع نفسي، وأنا عاقة لوالدي عقوقا شديدا، بسبب الضغوط النفسية التي أتعرض لها في كل يوم، فإنني أنفس فيهما عن نفسي، فعندما يغضبانني فإني أشتمهما، وأقول لهما القول الجارح، والبذيء، ولا أساعدهما في أعمالهما، علما أن أمي تسيء إلي بالكلام الجارح دوما، وعندما تغضب من أحد فإنها تأتي، وتنفس في عن غضبها، ودوما تدعو علي لمجرد أن تذكر اسمي(بدون أن أفعل لها شيئا) وتسيء الظن بي كثيرا، وتقلل من شأني، ومن ثقتي بنفسي، ثم أرد أنا عليها بالكلام، أي أنها هي التي تبدأ، علما أن أبي يقتص من راتبي كل شهر، ويمنعني من الزواج، مع أنني أتمنى أن أتزوج، وأكون أسرة، وأشعر بالسلام الذي طالما افتقدته، فهو يمنعني من الزواج، ويقول لي لن أجعلك تتزوجين حتى أعيش أنا حياتي من راتبك، ثم تعيشي أنت. أنا مقهورة جدا، ووحيدة، ولا أحد بجانبي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإصلاح النية يكون بإخلاص العمل لوجه الله تعالى؛ وراجعي الفتوى رقم: 7515
ولا ريب أنّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، ومن أعظم الذنوب، فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله مما وقعت فيه من عقوق والديك، والاجتهاد في برهما، والإحسان إليهما، فحق الوالدين عظيم، وقد أمرنا الله بمخاطبتمها بالأدب، والرفق، والتواضع، والتوقير، ونهى عن زجرهما، وإغلاظ القول لهما؛ قال تعالى: .. فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. الإسراء(23،24)
قال القرطبي: (وقل لهما قولا كريما ) أي لينا، لطيفا مثل: يا أبتاه، و يا أمّاه من غير أن يسميهما، ويكنيهما. قال عطاء: وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته، إلا قوله: وقل لهما قولا كريما. ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب، للسيد الفظ الغليظ. الجامع لأحكام القرآن.
وإذا كانت أمّك تسيء معاملتك، وتشتمك دون مسوّغ، وتدعو عليك، وأبوك يمنعك من الزواج ليستفيد من راتبك، فهما ظالمان لك، لكن ذلك لا يسقط حقهما عليك في البرّ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 103139لكن إذا تقدم إليك من ترضينه، ومنعك أبوك من زواجه، فلك رفع الأمر للقاضي الشرعي ليزوجك، أو يأمر وليك بتزويجك؛ وراجعي الفتوى رقم: 79908
والله أعلم.