الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يُنظَر لمجموع صفات ودين وأخلاق الخاطب

السؤال

أنا فتاة عمري 24 سنة، كانت ‏شروطي في زوجي المستقبلي أن ‏يكون على خلق، ودين، غير مدخن. ‏يتحمل مسؤولية بيت، وأن يكون قدوة ‏لأبنائي.
خُطبت منذ 4 سنوات، لشاب ‏على خلق، وملتزم بالصلاة، وبار ‏بوالديه. وبعد الخطبة طلب مني ‏تغيير ملابسي المحتشمة، لأخرى ‏متبرجة، وأن أتزين ليفخر بي كما ‏تقول والدته، ووالده. كنت أخجل من ‏الحديث معه لأقنعه، وكنت واثقة أنني ‏سأقنعه بعد الزواج أن الاحتشام ‏أفضل. ثم اكتشفت أن والده مُراب. ‏فنصحه أهلي أن هذا حرام، ولكنه ‏أصر، واكتشفت أنهم طامعون من ‏كثرة طلباتهم، وأن خطيبي لا رأي ‏له. ففسخت الخطبة قبل أسبوع من ‏الفرح. بعد عامين. وبعد 6 أشهر ‏خُطبت لشاب ملتزم، وملتحي، ولم ‏أهتم سوى بدينه، وخلقه. وغضضت ‏بصري عن المستوى المادي. وبعد ‏أن تمت الخطبة، وجدت أنه متناقض، ‏يكلمني عن الدين والالتزام، وواجبات ‏الزوجة، وطاعتها العمياء للزوج. ثم ‏يريد أن يكلمني بعد منتصف الليل، ‏ويقول كلاما خارجا. وعندما رفضت ‏أصر، واتهمني بالقسوة. يشك في ‏كل أفعالي شكا مرضيا، ولاحظت ‏عليه عدم غضه لبصره إطلاقا. ‏إنسان متصلب الرأي، ولا يهمه ‏سوى راحته هو، والنساء من وجهة ‏نظره كائنات لا عقل لها، ومع أول ‏مشكلة أصر على رأيه، وقال لي (طبعي هكذا إن كان يعجبك) حاولت أن ‏أحل المشكلة، ولمدة شهر كامل بلا ‏فائدة. أدخلت أهلي، وأهله. فالكل قال ‏إنه مخطئ، لكنه عنيد، لا كبير له. ‏ففسخت الخطبة التي دامت 3 أشهر. ‏بعدها دخلت في حالة نفسية سيئة، ‏وتخبط شديد، اختل كل شيء أمامي ‏اختلط الصحيح بالخطأ. كرهت ‏الملتزمين، وكرهت عديمي النخوة. ‏غير الملتزمات أمورهم تسير بيسر ‏وبلا تعسير. استغفرت الله، واتجهت ‏لحفظ القرآن.‏
‏ الآن تقدم لخطبتي شاب بعد أن رآني ‏في عملي، وأعجب بالتزامي، مناسب ‏في المستوى المادي، والاجتماعي، ‏يحافظ على الصلوات في الجامع، ‏وكل الناس أثنت على خلقه. والدته ‏متوفاة، وكل أخواته متزوجات، إلا ‏واحدة ستسكن معي، وأنا لا أمانع، ‏لكنه بعد وفاة والدته اتجه للتدخين ، يقلع عنه، ثم يعود له، التمست له ‏العذر على مضض بنية إقناعه أن ‏التدخين حرام، وأن يقلع عنه نهائيا. ‏لكني صدمت وأنا أبحث بالصدفة ‏على الفيس بوك وجدت أنه مصاحب لبنات. أقنعني ‏أهلي أنه شاب، ووحيد في ‏منزله حيث إن أخته في كليتها، ‏وعنده وقت فراغ طويل، وهذا أهون ‏من أشياء أخرى كثيرة. أنا والله لا ‏أشعر بالغيرة، أو متضررة من ‏التدخين، لكني أريد إنسانا يتقي الله ‏ويكون قدوة لأبنائي، ومحتارة لو ‏رفضت أن يأتي لي الأسوأ مثل تارك ‏الصلاة، أو أن لا يأتي أحد.‏
‏ أرجوكم أفيدوني.
وآسفة على ‏الإطالة.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعيار الصحيح لاختيار الزوج، بقوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ، وَدِينَهُ، فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. رواه ابن ماجه والترمذي.
ولا ريب في كون التدخين، ومصادقة الفتيات الأجنبيات من الأمور المخالفة للشرع، لكن الحكم على الخاطب ينبغي أن ينظر فيه إلى مجموع صفاته وأخلاقه، فربما كان مقصرا في بعض الأمور لكنه في الجملة صاحب دين وخلق، فالعبرة بكون الخاطب مرضي الدين، والخلق في الجملة.
وعليه، فإن كان هذا الشاب مرضي الدين والخلق في الجملة، فلا نرى لك فسخ خطبته، لكن عليك نصحه، وإعانته على التوبة من هذه المنكرات، مع التنبيه إلى أن الخاطب قبل العقد الشرعي أجنبي عن مخطوبته؛ وللفائدة في معرفة بعض الأمور المعينة على الإقلاع عن التدخين، تراجع الفتوى رقم: 20739، والفتوى رقم: 129949
وننصحك قبل الإقدام على الأمر بمشاورة عقلاء الأهل، واستخارة الله عز وجل؛ وراجعي في كيفية الاستخارة الفتوى رقم: 103976
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني