الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اختلاف المستأجر والمؤجر في الأجرة بعد استيفاء المنفعة

السؤال

إذا قال شخص لسائق: أوصلني إلى مكان معين، واتفق معه على الأجرة، وعندما أوصله ودفع له المال، قال السائق: إني أخطأت في السماع، وكنت أريد مبلغًا أعلى من ذلك، فما هو الحل في هذا الموقف؟ مع العلم أن هذا الموقف لم يحدث معي، ولا مع أحد أعرفه، ولكنني أريد أن أعرف الحكم على فرض حدوثه - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعبرة في مقدار الأجرة بما اتفق عليه في العقد إذا أقر به المتعاقدان، ولا اعتبار لنية الأجير طلب أكثر مما اتفق معه عليه، لكن لو أنكر ذلك وادعى أن مبلغ الأجرة أكثر مما يدعيه المستأجر، فهو يقول ألفًا وهي ما اتفقنا عليه، والثاني يقول بل مائة، وهي ما اتفقنا عليه، وقبلتها، وكان ذلك بعد استيفاء المنفعة، وإيصال الشخص إلى محله، ولا بينة لأحدهما، فهنا يرى كثير من أهل العلم أنهما يتحالفان، فإن حلفا جميعًا كان للأجير مثل أجرة عمله يقدرها أهل الخبرة والأمانة، وإن امتنع أحدهما عن اليمين، قُضي بالحق لصاحبه، قال ابن قدامة في المغني: إذا اختلفا في قدر الأجر فقال : آجرتنيها سنة بدينار قال : بل بدينارين، تحالفا ويبدأ بيمين الآجر ـ نص عليه أحمد، وهو قول الشافعي ـ لأن الإجارة نوع من البيع، فإذا تحالفا قبل مضي شيء من المدة فسخا العقد، ورجع كل واحد منهما في ماله، وإن رضي أحدهما بما حلف عليه الآخر أقر العقد، وإن فسخا العقد بعد المدة أو شيء منها , سقط المسمى، ووجب أجر المثل، كما لو اختلفا في المبيع بعد تلفه. انتهى.

وفي بداية المبتدي للمرغيناني أنه بعد استيفاء المنفعة يكون القول قول المستأجر: وَإِن اخْتلفَا بعد الِاسْتِيفَاء لم يتحالفا، وَكَانَ القَوْل قَول الْمُسْتَأْجر، وَإِن اخْتلفَا بعد اسْتِيفَاء بعض الْمَعْقُود عَلَيْهِ تحَالفا، وَفسخ العقد فِيمَا بَقِي، وَكَانَ القَوْل فِي الْمَاضِي قَول الْمُسْتَأْجر.

وفي الجوهرة النيرة على مختصر القدوري: وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَحَالَفَا، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ.

وهذا ما قرره الشيخ التويجري في موسوعة الفقه الإسلامي حيث قال: حكم اختلاف المتعاقدين في الإجارة: إذا صح عقد الإجارة، ثم اختلف المتعاقدان، فإما أن يكون الخلاف قبل استيفاء المنافع أو بعدها، فإن اختلفا قبل استيفاء المنافع تحالفا وترادا، وانفسخت الإجارة، وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه ما ادعى به صاحبه، وإن كان الاختلاف بعد استيفاء المستأجر بعض المنفعة بأن سكن الدار مدة مثلاً، فالقول قول المستأجر مع يمينه، ويتحالفان وتنفسخ الإجارة فيما بقي، وإن كان الاختلاف بعد انتهاء مدة الإجارة، فالقول قول المستأجر في مقدار البدل مع يمينه، ولا يمين على المؤجر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني