السؤال
إذا فعلت معروفا لإنسان لوجه الله تعالى. هل يفضل أن أطلب من هذا الإنسان ألا يخبر أحدا حتى أقطع على نفسي استحسانها؛ لمعرفة الناس بهذا المعروف، وذلك حتى يبقى الأجر ببقاء الإخلاص لله تعالى دون الوقوع في الرياء؟
أرجو أن أكون قد دققت الأمر بعض الشيء.
وهل استحسان (وليس تمني) النفس هذا الأمر يعتبر رياء أو شركا أصغر؟ أم إن ذلك من حديث النفس؟ لأني بصراحة أريد بقاء الأجر وعدم بطلانه.
وجزاكم الله تعالى خيرا على هذا الموقع.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على نص ولا على شيء من عمل السلف يفيد تفضيل طلبك ممن أحسنت إليه أن يستر صنيعك ومعروفك، ولا على ما يفيد أن إخباره به يؤثر على إخلاصك.
وعلى أي حال، فالأفضل للآخذ أن يستسر بالأمر، فقد قال ابن العربي: وأما المعطى إياها، فإن السر أسلم له من احتقار الناس له، أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها، وترك التعفف. وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم، من جملة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء، وعلى الآخذ لها بالاستغناء، ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة، لكن هذا اليوم قليل. انتهى.
وتمنيك لخفاء إحسانك، واستحسانك له، ليس من الشرك الأصغر، ولا من الرياء. ولا شك أن الأفضل في حق المسلم إخفاء أعماله، وصدقاته التي هي من باب التطوع، محافظة على الإخلاص، والبعد عن الرياء؛ بدليل قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ {البقرة: 271}.
وفي الصحيحين أن من ضمن السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة. والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية. انتهى.
والله أعلم.