الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد أن أسال: هل من المحرم أن أدعو بأن يبارك الله لي في مولودي، ويحفظه لي من كل سوء، ولا يرزقني بغيره؟ وهل يعتبر هذا تبطرا على نعمة الله ؟
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فأما الدعاء للمولود بالبركة وحفظه فهذا جائز لا إشكال فيه، وهو من الدعاء المستجاب إذا صدر من أحد الأبوين إن شاء الله تعالى؛ لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ . اهــ , رواه أبو داود والترمذي , قال في عون المعبود : دَعْوَةُ الْوَالِدِ أَيْ لِوَلَدِهِ أَوْ عَلَيْهِ . اهــ .
وأما الدعاء بعدم الإنجاب مستقبلا فإننا نخشى أن يكون من الاعتداء في الدعاء؛ لأن الإنجاب وتكثير النسل أمر مرغب فيه شرعا، ومقصد من مقاصد الشريعة في الزواج. كما فصلناه في الفتوى رقم: 131894 , والفتوى رقم: 130341 , فالدعاء به هو دعاء بقطع ما رغب فيه الشرع وحث عليه .
ثم إن دعاء من ينجب بأن يقطع الله إنجابه هو استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير؛ لأن الإنجاب خير من العقم عند كافة العقلاء , فالدعاء به شبيه بما فعله بنو إسرائيل حين طلبوا من موسى عليه السلام أن يدعو الله لهم أن يخرج لهم البصل والكراث، وتلك البقول كريهة الرائحة بدل ما أعطاهم الله تعالى من المن والسلوى الطيب الطعم والرائحة , وقد عابهم نبيهم على طلبهم وقال { أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ {البقرة:61}، } قال القرطبي في تفسيره :
قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا نَتَانَى أَهْلَ كُرَّاثٍ وَأَبْصَالٍ وَأَعْدَاسٍ فَنَزَعُوا إِلَى عِكْرِهِمْ عِكْرِ السُّوءِ، وَاشْتَاقَتْ طِبَاعُهُمْ إِلَى مَا جَرَتْ عَلَيْهِ عَادَتُهُمْ فَقَالُوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ. وَكَنَّوْا عَنِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى بِطَعَامٍ وَاحِدٍ وَهُمَا اثْنَانِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلِذَلِكَ قَالُوا: طَعَامٌ وَاحِدٌ . اهــ
فنوصي الأخت السائلة بأن لا تدعو بذلك، وأن تشكر نعمة الله عليها بالإنجاب .

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني