الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اغتنام الفتاة فرصة وجود شاب مرضي الدين والخلق أولى من الانتظار

السؤال

أنا فتاة سورية عمري 17، عندما كنت في الابتدائية تعرفت إلى صبي في فصلي، وحدثت بيننا ذكريات لطيفة، فكنا نتحدث معًا في المقعد عن بعضنا، وكان يضحك من إضحاكي للصف ببعض الأشياء، وكنا نلعب معًا، وحين أطلب شيئًا يلبيه، وكنا نعود معًا في الطريق عند استلامنا الكتب، ويدلني على بيته، وأكمل طريقي، ثم حدث أن انتقلت إلى ابتدائية أخرى ملاصقة تمامًا لتلك، فأصبح عندما يراني يسلم عليّ، ويبادر بسؤالي عن مجموعي، وأشعر باستلطافه، ولم يكن في بالي حب ونحوه، إلى أن شاع بيني وبين صاحباتي مفهوم الحب، وأنه يجب أن نحب أحدهم، فادعيت حبي للصبي، وكله خيال في خيال، وانتهت الابتدائية، وفي الصيف حدثتني صديقتي على الهاتف، وسألتني من أحب؟ فذكرت لها اسم ذلك الصبي، مع أنه لم يكن يخطر في بالي، ولكني أجبت بذلك كيلا أخجلها، حتى أني في الصيف نسيت اسمه، ولم أفكر فيه، وبدأت الإعدادية، وسجلت في مدرسة شرعية، وللصدف كانت قريبة من منزله، وأصبحت أراه بصورة شبه يومية، وبدأت أعجب به حقًّا، وأكنّ له حبًّا على ذكريات الطفولة، وعرفت اسمه فيما بعد، وكنت في الإعدادية أستمع للأغاني، وهكذا، وكان لديّ الاستعداد لأخبره، أو أتحدث معه، ثم انتقلت لثانوية شرعية أخرى في حينا ذاته، فلم أعد أراه إلا نادرًا، والتزمت أكثر، وأصبح داخلي حب، ثم اشتدت الأوضاع في الشام، ولجأت لمصر، وهأنا في الثالث الثانوي، وخطر لي منذ بضعة أسابيع أن أبحث عن اسمه في الفيسبوك، فكانت المفاجأة أن وجدته، وشعرت بقلبي ينبض سريعًا لرؤيته من جديد، فقمت بإنشاء حساب باسم شاب، وأضفته لأتصفح أخباره، وصوره، وهكذا، فقبلني، وأنا الآن محتارة في أمري، هل أخبره شخصيًا بقصتي، وأفصح عن نفسي، وأتحدث معه على الإنترنت، وأتعرف إليه علّنا نحب بعضنا؟ وأنا لا أفكر إلا في الزواج، أم أحدثه بداية باسم ما أحبه بسرية، وأعطيه بعض التفاصيل عني؛ لنفس الهدف الأول، وفيما بعد أفصح؟ أم أخبر أخته الكبرى بكل شيء، وهي تخبره؟ أم أترك الأمر لقول بعضهم: إن حبه فقاعات صابون؟ أم أترك الأمر من دون فعل شيء حياله، لعل النصيب يأتي به لي في الحلال؟ وهو في سني، ويحتاج عدة سنوات ليتهيأ للزواج، فأفيدوني - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهم ما ينبغي أن يكون في صفات الرجل الذي ترغب الفتاة في أن يكون زوجًا لها: دينه، وخلقه، روى الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه، وخلقه فزوجوه.

فإن كان هذا صاحب دين وخلق، وأمكنك التواصل مع أخته، وعرض رغبتك في أن يكون أخوها زوجًا لك، فهذا أولى من عرض ذلك عليه مباشرة، فإن المحادثة بين الأجنبيين قد تكون ذريعة للفتنة، والوقوع فيما يسخط الله سبحانه وتعالى، وراجعي الفتوى رقم: 1932، هذا بالإضافة إلى أن حديث المرأة مع رجل أجنبي عنها لا تجوز إلا للحاجة.

وأما المحادثة عن الحب، ونحو ذلك: فلا تجوز، ولمعرفة حكم الحب قبل الزواج راجعي الفتوى رقم:4220.

وننبه هنا إلى أن ما قمت به من بحث عن حسابه في الفيسبوك، والنظر إلى صورته باب إلى الفتنة، وذريعة للفساد، خاصة أن قلبك متعلق به، فعليك التوبة من ذلك.

وإذا كان الأمر على ما ذكرت من أنه ربما يحتاج إلى عدة سنوات لإتمام الزواج، فلا ننصحك بانتظاره، فإن المسلم لا يدري ما قد يعرض له، فالأولى بك البحث عن غيره، فالرجال كثير، وانظري الفتوى رقم: 18430، والفتوى رقم: 77030.

ثم إن المرأة تختلف عن الرجل: فقد لا تجد خاطبًا فتدركها العنوسة.

وعليه؛ فإذا وجدت رجلًا مرضي الدين والخلق، فاقبلي به زوجًا، ولا تندمي أن فاتك الزواج من الأول، فلا تدرين أين الخير، ففوضي أمرك إلى الله علام الغيوب، فهو القائل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني