الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لبس الحجاب سبب لزوجتي مرضًا نفسيًا، فهل يجوز لي الموافقة على خلعه؟

السؤال

أنا شاب ملتزم ـ والحمد لله ـ تعرفت إلى فتاة من خلال العمل، وقدر الله لنا أن نتزوج، ونحن نحب بعضنا كثيرًا إلى درجة تفوق الحب الطبيعي، بحيث لا يستطيع أحدنا أن يتخيل حياته من دون الآخر، وقد مر على زواجنا ما يقارب سنة ونصف السنة، وعلى غير المتوقع كانت هذه الفترة مليئة بالمشاكل، ومع ذلك لم يتغير في حبنا شيء، وسبب المشاكل واحد، فقبل الزواج لم تكن زوجتي ترتدي الحجاب، فطلبت منها أن ترتديه عند الزواج، فوافقت على ذلك، وما إن ارتدت الحجاب حتى انقلبت حياتها رأسًا على عقب، حيث بدأت تعاني من صداع رهيب عند ارتداء الحجاب بسبب توترها الهائل، فهي لم تطقه، وطلبت مني مرارًا وتكرارًا السماح لها بخلعه، ولكنني كنت أرفض ذلك، وقد دفعها ذلك إلى تجنب الخروج من المنزل من أجل عدم ارتداء الحجاب، إلى درجة ترك العمل، وهي لا تخرج إلى أي مكان، لا لزيارة الأهل أو الأصدقاء، ولا للتنزه، ولا غير ذلك، وتخرج في الحالات الملحة القصوى فقط، وقد مضى على هذه الحال ما يقارب السنة، وهذه العزلة سببت لها الكآبة، والضغط النفسي، والتوتر الشديد، فأصبحت إنسانة مختلفة كليًّا عن ذي قبل، وقد أدى ذلك إلى كثرة المشاكل بيننا لتصبح بوتيرة شبه يومية لا تطاق، وحاولت إقناعها بالحجاب، وتسهيله عليها بكافة الوسائل، وأنا - بفضل الله - أملك من الثقافة والحنكة ما يؤهلني لهذه المهمة، واتبعت معها وسائل العلاج النفسي، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل، فلم ينفع معها الحوار، ولا الخصام، ولا الهجر، ولا الترغيب، ولا أي شيء، ولم أكن لأرسل هذه الرسالة لولا أني استنفدت جميع الوسائل، إلا الدعاء لها بالهداية، ولم تعد تستطيع الاستمرار على هذه الحال، وأنا لم أعد أحتمل رؤيتها تعيسة، ولم أعد أطيق مسح دموعها عن خديها، وأصبحت تبكي بكاء أقرب إلى النحيب، ولم أعد أطيق رؤيتها تتعذب، أصبحت قلقًا جدا عليها؛ لأن حالتها النفسية أصبحت تؤثر على صحتها الجسدية، وبدأت بفقدان الوزن بسبب قلة الطعام، وهي مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل نزع الحجاب؛ حتى لو استدعى الأمر الطلاق، رغم أننا ما زلنا نحب بعضنا كثيرًا، فهل أوافق على نزعها الحجاب؟ وما قول الشرع في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود بالحجاب تغطية الرأس، ونحوه ـ كما هو الظاهر من السؤال ـ فلا يجوز لك السماح لزوجتك بالخروج متبرجة، وطلاقها في هذه الحال إن لم يكن واجبًا فهو مستحب، قال ابن قدامة - رحمه الله -: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة، ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها ... ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب.

فما دمت قد بذلت جهدك، ولم تفد معها كافة الوسائل لردها إلى الصواب، فالذي ننصحك به أن تطلقها، فإنه لا خير لك في امرأة ترفض الانقياد لأمر الله، وتكره فريضة الحجاب بهذه الصورة التي لا يتوقع أن تحصل من مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر، واعلم أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ومن توكل على الله كفاه ما أهمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني