الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دعاء الشخص بأن يكون أجمل مما هو عليه

السؤال

أولا: جزاكم الله كل خير على هذا الموقع، وأسأل الله العلي العظيم أن يتقبل جهودكم فيه، ويجمعنا جميعا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، وثانيا: لدي سؤال يؤرقني وأحتاج كثيرا للإجابة فهي هامة في حياتي وطبيعة جسمي الوراثية: الدهون تتركز فيه في منطقة البطن؛ لذلك فإن صدري صغير وبطني كبير وساقي نحيفة، وأنا مخطوبة ولم يرني خطيبي في النظرة الشرعية لأن بلدنا ليس فيه مثل هذا، وأعتقد أنه لا يعلم عني هذا الشيء، وهو في دولة أخرى ولن نجتمع إلا في وقت الزواج، إذ سأسافر إليه ولم نصادف بعضنا إلا مرات قليلة وسؤالي الأول: أدعو الله كثيرا منذ أكثر من سنة بأن يجمل شعري وجسمي وأفصل في ذلك كأن يجعل دهون بطني تتركز في مناطق معينة وليس في بطني، فهل طلبي لجمال جسمي وشعري اعتداء؟ وهل تفصيلي بأن يجمل شعري وصدري وساقي وما إلى ذلك اعتداء؟
وسؤالي الثاني: أشعر بخوف كبير من اللحظة التي سيراني فيها زوجي وأنظر إلى نفسي وشعري وجسمي كثيرا بعين الحزن، ولولا أملي في الله بإجابة هذا الدعاء لمت من الهم، وعقد قراني يقترب وأشعر داخليا، ولا أصرح بذلك أنني أكره جسمي وأرى نفسي بعين النقص أمام الأخريات وأغار منهن على خطيبي، هذه خواطر تأتيتي بالرغم من أنني أعلم أنني غارقة في نعم الله وأهمها الصحة والعافية، فهل خوفي من رؤية زوجي لي وكثرة دعائي وتفكيري في هذا الموضوع الذي يشكل لي هاجسا عظيما تسخط وعدم رضى؟ أعلم أن الأخلاق هي الأهم، ولكن أريد بهذه الأمنيات أن أعف زوجي في زمن الفتن والمغريات، وأدعو لكم بالتوفيق والسداد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فدعاؤك بمثل هذه الأمور جائز وليس من الاعتداء في الدعاء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 205750.

وأما خوفك من رؤية زوجك وشعورك بالكراهة لجسمك، فليس بالضرورة من التسخط على القدر ما دمت راضية بحكم الله وقدره، وموقنة بأنّ خلق الله كله حسن وقدره كله رحمة وحكمة، قال ابن القيم رحمه الله: فَإِنَّ مَرَاتِبَ النَّاسِ فِي الْمَقْدُورِ ثَلَاثَةٌ: الرِّضَا، وَهُوَ أَعْلَاهَا، وَالسُّخْطُ، وَهُوَ أَسْفَلُهَا، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ بِدُونِ الرِّضَا بِهِ، وَهُوَ أَوْسَطُهَا، فَالْأُولَى لِلْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ، وَالثَّالِثَةُ لِلْمُقْتَصِدِينَ، وَالثَّانِيَةُ لِلظَّالِمِينَ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَصْبِرُ عَلَى الْمَقْدُورِ فَلَا يَسْخَطُ، وَهُوَ غَيْرُ رَاضٍ بِهِ فَالرِّضَا أَمْرٌ آخَرُ، وَقَدْ أُشْكِلَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ اجْتِمَاعُ الرِّضَا مَعَ التَّأَلُّمِ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّهُ، فَالْمَرِيضُ الشَّارِبُ لِلدَّوَاءِ الْكَرِيهِ مُتَأَلِّمٌ بِهِ رَاضٍ بِهِ، وَالصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مُتَأَلِّمٌ بِصَوْمِهِ رَاضٍ بِهِ، وَالْبَخِيلُ مُتَأَلِّمٌ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ رَاضٍ بِهَا، فَالتَّأَلُّمُ كَمَا لَا يُنَافِي الصَّبْرَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِهِ. اهـ

لكن ينبغي عليك ألا تستسلمي لهذا الشعور، وأن تتفكري في نعم الله عليك، وتحسني الظن به، وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني