السؤال
أحيانًا أستيقظ على إقامة صلاة الفجر، وأبقى مخيرًا بين أن أصلي السنة والفرض وحدي في البيت، وبين أن أذهب إلى المسجد، وأصلي الفجر جماعة، ولكن دون سنة، فأيهما أختار، حيث إنني سمعت أن سنة صلاة الفجر جزاؤها عظيم، ولا تصح صلاة الفجر دونها، وأحيانًا أخرى أصلي السنة في البيت، وأهرول إلى المسجد، وتفوتني الركعة الأولى، وأنا أعلم أنها ستفوت، ولكني فضلت أن أصلي السنة في البيت، ثم أذهب، فما رأيكم في هذا؟ وبماذا تنصحونني؟ وعندما أفرغ من صلاة المغرب في المسجد، وأبدأ في صلاة السنة يأتي أحد المصلين ويصلي خلفي، ويجعلني إمامًا، فما حكم هذا؟ خصوصًا أني أصلي سنة، وهو يصلي صلاة الفرض، وإن جاز هذا فهل أصلي به صلاة جهرية أم سرية؟ فصلاة السنة سرية، والمغرب جهرية.
الإجابــة
الحمد لله ،والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه أما بعد:
فالقول بأن فريضة الفجر لا تصح إلا إذا صُليت قبلها السنة غير صحيح، ولا يقول به أحد من أهل العلم, وإذا تردد الأمر بين أن تصلي الفريضة في البيت وحدك مع السنة قبلها، وبين أن تصليها في المسجد جماعة: فصلها في المسجد، فإنه قد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن صلاة الجماعة واجبة, وذهب بعضهم إلى وجوبها في المسجد، فصل في المسجد، ثم يمكنك أن تقضي السنة بعدها مباشرة، أو بعد شروق الشمس, جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الأفضل في السنن الرواتب، والنوافل أن تؤدى في البيت؛ لما جاء في صحيح مسلم من حديث طويل، وجاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» لكن إذا خشيت أن تفوتك صلاة الجماعة إذا أديت السنة القبلية في البيت؛ لقرب وقت إقامة الصلاة، فإنك تؤديها في المسجد، فإذا شرعت في السنة الراتبة، ثم أقيمت الصلاة، فإنك تقطع النافلة، وتقضيها بعد الصلاة، أو بعد ارتفاع الشمس بالنسبة للفجر ... اهــ
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: ولكن إذا علم الإنسان أن الصلاة قد أقيمت في المسجد الذي يريد أن يصلي فيه الفريضة، فإنه لا يصليها في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" وعليه أن يخرج إلى المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". اهــ
وإذا كنت في البيت قبل الإقامة، وعلمت أنك لو شرعت في السنة فاتتك ركعة مع الإمام: فإن الأفضل أن تذهب إلى المسجد؛ حتى لا تفوتك الركعة، ثم تقضي السنة بعد الفريضة، أو بعد الشروق, جاء في الموسوعة الفقهية: وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا دَخَل الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الإْمَامَ يُصَلِّي الصُّبْحَ، فَلْيَدْخُل مَعَهُ فِي صَلاَتِهِ، وَيَتْرُكْ سُنَّةَ الْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ: فَإِنْ خَافَ أَنْ يَفُوتَهُ الإْمَامُ بِرَكْعَةٍ، تَرَكَ سُنَّةَ الْفَجْرِ، وَقَضَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الإْمَامُ بِرَكْعَةٍ أَتَى بِالسُّنَّةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ ... اهــ
ولا تهرول عند الذهاب إلى المسجد؛ لأنه صح النهي عن ذلك، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ.
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى: قَوْلُهُ: "وَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ" السَّعْيُ هُنَا الْجَرْيُ، مُنِعَ فِي إتْيَانِ الصَّلَاةِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ الْوَقَارِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا، وَفِي الْقَصْدِ إلَيْهَا، وَأَمَّا الْإِسْرَاعُ الَّذِي لَا يُنَافِي الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ؛ لِمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ، وَخَافَ أَنْ يَفُوتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَمِعَ الْإِقَامَةَ، وَهُوَ بِالْبَقِيعِ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ إِلَى الْمَسْجِدِ. اهـ.
وأما عن الاقتداء بك، وأنت تصلي السنة، والمقتدي يصلي الفريضة: فلا حرج في هذا، كما بيناه في الفتوى رقم: 111010.
وتسر القراءة؛ لأن السنة في الرواتب الإسرار، كما بيناه في الفتوى المشار إليها آنفاً, ولو جهرت فصلاتك صحيحة.
والله تعالى أعلم.