الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وصف المحجبة والملتزمة بالمعقدة.. طوبى للغريبات

السؤال

عندي مشكلة أود أن أستشيركم فيها.
أنا فتاة محجبة منذ العيد الماضي، وعمري 16 سنة، وأمي تعارضني على التزامي، وتدعي أن ما أفعله هو تعقيد، حتى مجتمعي ورفيقاتي يدعونني بالمعقدة، بالرغم من أنني أتبع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام كما وجب علي، وأجتنب المحرمات بشكل لا يوصف. لكنني دائما أوسوس بأن ربي ليس راضيا عني؛ لأني لا ألتزم بالثياب الشرعية؛ لأن أهلي لا يرضون أن أرتدي الجلباب مع العباءة، مع العلم بأنني أحب ارتداء النقاب جدا الذي هو أستر من الجلباب، لكنني لا أستطيع فعل ذلك.
أرجو إعطائي الحل المناسب لمشكلتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على التزام الحجاب، والاستقامة على طاعة ربك، ونسأله سبحانه أن يزيدك هدى، وتقى، وصلاحا، وأن يحفظك في دينك ودنياك. ونوصيك بالتوجه إلى الله تعالى وسؤاله الثبات على الحق، واحرصي على العلم النافع، والعمل الصالح، وحضور مجالس الخير، ومصاحبة الصالحات.

ومن الغريب ما ذكرت من معارضة أمك للحجاب، ووصفها أمرك بأنه " تعقيد " وكذلك الأمر فيما ذكرت من حال المجتمع حولك، ومعارضته لك. ومثل هذه المواقف تحصل عادة مع من يقبل على الطاعة ويخالف أهواء المجتمع حوله، بل إن ذلك سنة من سنن الله في خلقه؛ قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت2: 3}. وفي مسند أحمد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، حتى يبتلى العبد على قدر دينه ذاك، فإن كان صلب الدين ابتلي على قدر ذاك.

ونصيحتنا لك التلطف بأمك، والحرص على برها وإن أساءت إليك، فبرها لا يسقط عنك بحال، هذا بالإضافة إلى أن ذلك مما يعينك على كسب ودها.

والواجب عليك الالتزام بلبس الحجاب وإن عارضك أهلك؛ لأن الحجاب الذي هو ستر الجسد فيما عدا الوجه والكفين، واجب بالاتفاق، فلا يجوز التفريط فيه بحال، ولا طاعة لمخلوق في معصية الله. وإن غضبوا عليك اليوم فقد يرضون عنك يوما ما؛ روى ابن حبان في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. وهو في سنن الترمذي أيضا بلفظ مختلف.

وأما تغطية الوجه، فمحل خلاف بين الفقهاء، والراجح عندنا وجوبه، ولكن الأمر فيه أهون من أمر الحجاب بالمعنى الأول.

وننبه إلى أنه ليس في الشرع نوع معين من الحجاب، ولكن هنالك شروط متى تحققت في أي لباس كان حجابا شرعيا، فيمكنك مطالعة هذه الشروط في الفتوى رقم: 6745. ومزيد الفائدة راجعي الفتاوى أرقام: 1208- 10800- 12744.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني