الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مطالبة البائع بزيادة السعر بعد فترة من توقيع العقد

السؤال

نمتلك - أنا وإخوتي الأربعة - قطعة أرض بالتساوي، ومنذ خمس سنوات اشتريت من إخوتي نصيبهم، وكان يقدر ثمن المتر المربع بنحو 250 جنيهًا، فكتبنا العقود، ووقع جميعهم على ذلك، وأخذ كل منهم نصيبه من المال وقت توقيع العقود، إلا أخا لي نصحتني أخواتي البنات أن أترك عندهن المال؛ لكي لا يضيعه في شيء لا يستحق، وبالفعل وضعته عند أختي أمانة؛ لحين تسليمه له، وبعد إلحاح من أخي ذهبت إليه بعد حوالي أسبوع بالمال، ولكنه رفض أن يأخذه، وقال لي بأنه سأل عن السعر وأخبر أنه بـ 350 جنيهًا، مع أن إخوته سألوا قبل كتابة العقود، وسعرها معروف، وبعد الرفض تركت المال عند أختي، وأخبرته بذلك إلا أنه لم يأخذه، وكلما مر الوقت أذهب له لكي أعطيه حقه، ولكنه يقول: "أريد بسعر اليوم، وقد سألت شيوخًا وقالوا: ما دمت لم تأخذ أموالًا فكأنك لم تبع، ولك بسعر اليوم"، مع العلم أنه تم الاتفاق، ووقع على العقود، فهل أحاسبه بسعر اليوم أم بالسعر وقت توقيع العقود؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعدم قبض البائع للثمن في البيع المذكور لا يفسده، ولا يؤثر في صحته، ولا يتوقف تمامه عليه، كما بينا في الفتوى رقم: 108016.

ومن ثم: فما دام الأخ قد رضي في عقد البيع بأن يكون ثمن المتر بـ 250، فليس له رفض البيع، والمطالبة بغير حقه، ولا اعتبار بعدم قبضه للثمن، فالبيع ماض - كما بينا - وله نصيبه من الثمن - كما اتفق عليه في العقد - إلا إن ادعى أنه غبن في الثمن غبنًا فاحشًا، وكان مسترسلًا، أي: اشترى دون مساومة، ولا يحسن البيع، فينظر في دعواه حينئذ.

وفي الموسوعة الفقهية: الغبن الذي يرد به شرعًا هو الغبن الفاحش، والإطلاق محمول عليه، كلما ذكر في مجال الرد.
والمراد بالغبن الفاحش عند الحنفية، والمالكية في الراجح، والحنابلة في قول، أن العبرة في تقدير الغبن على عادة التجار، وإن اختلفت عباراتهم، فإنها كلها تؤدي إلى هذا المعنى.
وإنما كانت العبرة بتقويم المقومين؛ لأنهم هم الذين يرجع إليهم في العيوب، ونحوها من الأمور التي تقتضي الخبرة في المعاملات.
والقول الثاني لكل من المالكية والحنابلة أن المعتبر في الغبن الثلث، والقول الثالث للمالكية ما زاد على الثلث. انتهى.

وفيها: إذا تحقق أن المغبون مسترسل، وكان الغبن خارجًا عن المعتاد، فللمغبون الخيار بين الفسخ والإمضاء مجانًا، فهذا هو الموجب ليس غير، أي إن أمسك المغبون فيه لم يكن له المطالبة بالأرش؛ وهو هنا مقدار الغبن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني