السؤال
أنا متزوج، ولي من الأولاد خمسة، أكبرهم عمره 25، وأصغرهم 18 سنة، وحصل خلاف بيني وبين زوجتي قبل ثلاث سنوات، وخاصمت على أثر هذا الخلاف زوجتي، ولم أتحدث معها أبدًا، وانعزلت عنها في ملحق بالبيت، ولا أتواصل معها، ولم أعرف أن الأمور سوف تصل إلى ما وصلت إليه، وأولادي كلهم وقفوا في جانب أمهم، وخاصموني، ولا يتحدثون معي، حتى في الأعياد، فهل أنا آثم بتركي أولادي من غير تواصل؟ مع العلم أني أوفر طلباتهم كلها، ومصاريفهم، وكل ما يحتاجونه إذا طلبت أم أولادي من خلال رسالة جوال، مع العلم أني أحبها، ولم أقبل فكرة الزواج بأخرى إجلالًا لحبي لها، وحبي لأولادي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذكر السائل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان: فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه. وفي رواية عند أحمد، وأبي داود: فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني. وعندهما أيضًا: من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه. صححه الألباني.
فعليك - أيها السائل - أن تبادر إلى إصلاح ما أفسدت، وبناء ما هدمت، وإذا كان الهجر فوق ثلاث ليال منهيًا عنه، فما بالك بما فوق ثلاث سنوات؟!
وإن كان بعض العلماء قد ذهب إلى عدم التضييق بالثلاث في حق الزوج، والوالد، ونحوهما، ولكننا نرى أن هذا الهجر إن كان لسبب مشروع، كنشوز الزوجة -مثلًا- فلا تأثم بهجرها لذلك، وإن طال، أما إن كان لغير سبب مشروع فلا يجوز فوق ثلاثة أيام؛ لعموم النهي عن ذلك، وانظر الفتاوى: 116407 ، 152235 ، 189487 وما أحيل عليه فيها.
وكذلك لا يجوز لك هجر أولادك فوق ثلاث دون مسوغ شرعي، وانظر ما يشرع له الهجر فوق ثلاث في الفتوى رقم: 7119.
وعلى الأولاد كذلك أن يصلوا أباهم ويبروه؛ فإن الخلاف بين الأبوين لا يبيح للأولاد قطيعة أي منهما، بل إن بر الوالدين لا يسقط بإساءتهما إلى أولادهما، فضلًا عن إساءة أحدهما إلى الآخر، وانظر الفتويين رقم: 138095، ورقم: 56766 وما أحيل عليه فيهما.
ثم اعلم - يا أخي - أن أولادك في حاجة إليك لتربيهم، فمسؤولية الأب تجاه أولاده ليست مادية فقط، بل إن حاجتهم إلى التربية قد تفوق حاجتهم إلى المال، وانظر الفتويين رقم: 71778، ورقم: 17078.
والله أعلم.