السؤال
أنا شاب عراقي متزوج منذ 2011، وحاليا طالب في الدراسات العليا، ومقيم في الهند وزوجتي معي, وزوجتي تقضي معظم وقتها على شاشة الحاسوب تتفرج على المسلسلات التركية، وهذا الأمر لا يعجبني، حاولت أن أثنيها أكثر من مرة، لكنها لم تستجب بحجة: كيف تقضي وقتها الطويل مع انشغالي بالدراسة, وفي إحدى المرات كنت أكلمها في أمر يتعلق بعودتنا إلى بلدنا - وهي تتفرج على واحد من المسلسلات - ولكنها انفعلت لكثرة إلحاحي بالكلام معها ومزاحي معها, وبعدما أحسست أنها انفعلت وتلفظت ببعض الكلام البذيء انفعلت وغضبت كثيرا وجن جنوني وضربتها، وأخذت منها المايك وضربته بالحاسوب وكسرت المايك وأطفأت الحاسوب وقلت: بالطلاق هذا الحاسوب ما يشتغل بعد ـ وكل الذي كنت أقصده بكلامي أنها لن تتفرج على هذا المسلسل حتى أبعدها عن هذا المنكر، وبعد يومين صالحتها, وزارتنا جارتنا الزيمبابوية فقلت لزوجتي افتحي الحاسب لتريها صور زواجنا, ففعلت، وفي اليوم التالي كنت منشغلا بدراستي, وتفاجأت بأنها قد شغلت المسلسل التركي في الحاسوب نفسه، فهل وقع الطلاق؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط، وجمهورهم على وقوع الطلاق بالحنث فيه مطلقاً، وهذا هو المفتى به عندنا، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ومن وافقه، أن الحلف بالطلاق وتعليقه من غير قصد إيقاعه، وإنما بقصد التأكيد أو المنع أو الحث، لا يقع به الطلاق، وإنما تلزم الحالف كفارة يمين إذاحنث، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وعليه، فالمفتى به عندنا أنّ الطلاق قد وقع على زوجتك بحنثك في يمينك، ولك مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، لكن إذا كنت تقصد بهذه الصيغة بالطلاق مجرد القسم بالطلاق بمعنى كون الطلاق محلوفا به تعظيما له كما يحلف بالله تعالى وصفاته، فالظاهر ـ والله أعلم ـ في هذه الحال أنه لا يقع طلاق، ولا حاجة لكفارة لكونه يمينا باطلاً فقد سئل الشيخ عليش رحمه الله: مَا قَوْلُكُمْ فِيمَنْ قَالَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا فَعَلْت كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت الْقَسَمَ بِهِ لَا تَعْلِيقَهُ؟ فَأَجَاب: الْحَمْدُ لِلَّهِ, وَالصَّلَاةُ, وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: لَوْ قَالَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعَتَاقِ جَاعِلًا كُلًّا مِنْهُمَا مُقْسَمًا بِهِ كَمَا يُقْسِمُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ, وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ حِلَّ الْعِصْمَةِ, وَلَا تَحْرِيرًا، لَا شَيْءَ فِيهِ، كَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا.
وننبه إلى أنّ مشاهدة المسلسلات المشتملة على مخالفات شرعية لا تجوز، وراجع الفتوى رقم: 1791.
والواجب عليك منع زوجتك من هذه المنكرات بمقتضى القوامة، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ {النساء: 34}.
قال السعدي رحمه الله: قوامون عليهن ـ بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ
والواجب على زوجتك أن تطيعك في المعروف، وإذا عصتك فيما يجب عليها من الطاعة فلك تأديبها بالوعظ ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح.
والله أعلم.