الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشكر والدعاء اللساني المعلن بديل المكافأة لصانع المعروف

السؤال

عندما أطلب خدمة من أهلي لا أشكرهم في وجوههم دائما، لأنني أخجل من ذلك، فأقوم بالدعاء لهم في قلبي، فهل أعتبر لا أشكر الله، لأنني لا أشكر الناس؟ أم يعتبر من الدعاء بظهر الغيب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا في الفتوى رقم: 34287، ما يتعلق بحديث: لا يشكر الله من لا يشكر الناس ـ فراجعيها.

وما تفعلينه من دعائك لهم سراً، ليس من كفر النعم، ولكن فيه تقصير في الشكر، لأن الشكر اللساني بديل المكافأة، والمكافأة معروف ظاهر، فالأصل أن يكون الدعاء علانية بحيث يسمع صاحب المعروف، ويشهد لذلك حديث أنس أيضا قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه المهاجرون فقالوا: يا رسول الله؛ ما رأينا قوما أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنإ، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم. رواه الترمذي مطولاً، وأبو داود مختصرا، وصححه الألباني.

وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود، وصححه الألباني.

قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح رياض الصالحين: ومن ذلك أن تقول له: جزاك الله خيرا إذا أعطاك شيئا أو نفعك بشيء، فقل له: جزاك الله خيرا، فقد أبلغت في الثناء، وذلك لأن الله تعالى إذا جزاه خيرا كان ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة.

وكان هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند أهل بيت قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وتنزلت عليكم الملائكة. رواه أحمد، والنسائي في الكبرى وصححه لطرقه الأرناؤوط.

وروى النسائي، والترمذي، وأحمد عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء. صححه الألباني.

وقوله: جزاك ـ دعاء بصيغة الخطاب، فهو ظاهر في إسماعه الدعاء، وروى مسلم عن عبد الله بن بسر قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي فقربنا إليه طعاماً ورطبة فأكل منها، ثم أتي بتمرٍ فكان يأكله ويلقي النوى بين أصبعيه ويجمع السبابة والوسطى ـ قال شعبة هو ظني وهو فيه ـ إن شاء الله ـ إلقاء النوى بين الإصبعين ـ ثم أتي بشراب فشربه ثم ناوله الذي عن يمينه، قال: فقال أبي: -وأخذ بلجام دابته- اأدع الله لنا، فقال: اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم. ورواه ابن حبان، وبوب عليه: ذكر ما يدعو الضيف لمن أكل من طعامهم.

وأما الخجل: فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 188687، سبل علاج الخجل الذي يمنع الإنسان من الإقدام على المهمات.

وننصحك باستماع محاضرات الحياء، لـ: د. محمد إسماعيل المقدم، فقد ذكر في آخر السلسلة علاجاً مفصلاً للخجل شرعياً ونفسياً، وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بالشبكة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني