الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوت الله بالزواج، فتقدم لي زانٍ، فهل أقبل به؟ وهل ذلك عقوبة من الله؟

السؤال

عمري 30 سنة، موظفة، ومتوسطة الجمال، حفظت القرآن الكريم, ودعوت الله كثيرًا بالزواج من زوج صالح, يعينني في أمور الدين والدنيا, وأعجبت مؤخرًا بزميل توسمت فيه الصلاح, وأحببته كثيرًا, ودعوت الله أن يتزوجني، لكنه خطب, وزواجه خلال أيام، فقررت أن أقبل الزواج من العريس القادم للنسيان والعفة، فقد تعبت من العنوسة, ومن خسارة من أحببت، فتقدم لي رجل مطلق, أكبر مني بأكثر من13سنة, عنده ابن, وإمكانياته صعبة، لكنني وافقت عليه، وقد اعترف لي بعد الخطبة بأنه كانت له علاقات زنا؛ بحجة الرغبة, وملابس النساء المثيرة، وهو رجل له احتياجات, فكانت له علاقات، وأكد أنه قام بهذه الممارسات، وله علاقات عبر الفيس والشات بها جنس، وأغلب حديثه عن الجنس والعلاقات, فهل أقبل ممارسة جميع الأوضاع معه بعد الزواج حتى من الدبر؟ وعندما أحاول تغيير الحديث يقول: إنني متزمتة، وأنه مسلم ويصلي, ويريد أن ألبس بنطلونًا، ولا مانع عنده من أن أضع ميكب لكي أكون متمدنة، وحديثه الجنسي لا ينتهي، فهل أقبل به، وقد اعترف بالزنا؟ وهو متحرر في أفكاره, ويريد أن يقبلني مثلًا, ويرى مفاتن جسمي, ويلمسه, ويعاملني كزوجة ما عدا الدخول طبعا, وقد عانيت من العنوسة, وتمنيت الزوج الصالح بمعنى الكلمة, لكنه لا يريد حتى النقاب، فهل يجوز الزواج من الزاني؟ وهل هذا عقاب من الله؛ لأنني لم أصبر, وسمحت لنفسي بالحب؟ مع العلم أنني لم أتحدث معه.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

نسأل الله لنا ولك السلامة والعافية, وأن يرزقك زوجًا صالحًا, تقر به عينك، وما ذلك على الله بعزيز، فالجئي إلى ربك, واحتمي بحماه, ولوذي بجنابه، فما خاب من رجاه، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

وأما الرجل المذكور: فإن صح عنه ما ذكرت: فإنه غير مرضي في دينه وخلقه، ومن كان حاله كذلك لا يرتضى زوجًا, خاصة إن لم يتب من الزنا، فالزاني ليس كفئًا لعفيفة مثلك، فلا يجوز زواجك منه، وقد قال الله تعالى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3}.

ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 5662.

وهو أجنبي عنك، فلا تمكنيه من محادثتك لغير حاجة, أو تقبيلك, أو لمس جسدك، فهو ذئب من ذئاب البشر, يريد أن يوقعك في حبائله، فالواجب عليك قطع أي علاقة لك معه قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه، فتندمي حيث لا ينفع الندم, وراجعي الفتوى رقم: 30003.

وأما العشق: فداء يمكن علاجه، وكيفية ذلك قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 9360.

واستعيني بالله تعالى, وابحثي عن الرجل الصالح بنفسك, أو بمساعدة بعض الثقات من صديقاتك وأقربائك، علمًا بأنه يجوز شرعًا للفتاة البحث عن الزوج, وعرض نفسها على من ترغب في زواجه منها من الصالحين، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 18430.

وتقصيرك في العبادة لا يلزم أن يكون عقوبة، ولكن من أدخلت نفسها في الكلام في مثل هذه الأمور مع رجل هذا حاله, لا يبعد أن يكون ذلك سببًا في ضعف إيمانها, ووقوع التقصير منها بسبب ذلك، فالمعاصي لها أثرها السيئ على النفس، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 71473.

وفي الختام: نوصيك بالصبر, والصوم، وشغل نفسك، وملء فراغك بما ينفع، وصحبة الصالحات، مع اجتناب كل ما يمكن أن يثير الشهوة، وانظري الفتوى رقم: 103381.

وننبه إلى أن المجاهرة بالمعاصي لا يجوز شرعًا، بل الواجب على المسلم إذا ارتكب ذنبًا أن يتوب إلى الله، ويستر على نفسه، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 33442.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني