السؤال
نحن جماعة من المسلين في بلجيكا نملك مسجدا، فأراد بعض الشباب إنشاء مغسلة بداخله للأموات ومبردا كمستودع للأموات، مع العلم أن هذا موجود في المستشفيات ولا داعي لهذا، فهناك ما هو أولى كالمدارس لتعليم أبنائنا، شيوخنا نحن في حيرة من أمرنا أموات المسلمين تغسل وتكفن في المستشفيات وبدون حرج وتنقل إلى المسجد ليصلى عليها ولا داعي لتحويل بيوت الله إلى مغاسل ومستودعات للأموات، أفتونا يرحمكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح الإخوة في تلك البلاد أن يحرصوا على التوافق فيما بينهم، فقد أمر الله تعالى بالوحدة والائتلاف، ونهى عن الفرقة والاختلاف، كما قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا {آل عمران:103}.
وقال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {الأنفال:46}.
ولتحرصوا على تنازل بعضكم لبعض مراعاة لمصلحة الوفاق وعدم الخلاف، فقد قال شيخ الإسلام: ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات، لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متما وقال: الخلاف شر. انتهى.
وقال رحمه الله أيضا: ويسوغ أيضا أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفا من التنفير عما يصلح، كما ترك النبي بناء البيت على قواعد إبراهيم لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم، وقال ابن مسعود لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه فقيل له في ذلك، فقال: الخلاف شر، ولهذا نص الأئمة كأحمد وغيره على ذلك بالبسملة وفي وصل الوتر وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول مراعاة ائتلاف المأمومين، أو لتعريفهم السنة وأمثال ذلك. انتهى.
ولا شك أن السعي في مدرسة يتم فيها تعليم الأبناء أهم من المغسلة ما دامت خدمة التغسيل متوفرة في المستشفيات، ولأن التعليم من العبادات المتعدية التي يحتاجها المجتمع حاجة ضرورية، ومعلوم طبيعة المدارس الأوروبية وما فيها من اختلاط، وما فيها كذلك من أمور تخالف الشرع ومن مناهج ربما يترتب عليها فساد عقائد الأولاد وأخلاقهم، فإنشاء المدرسة الإسلامية لا شك أنه أولى.
والله أعلم.