الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أخ من الأم وثلاثة أبناء عم من الأب

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
-للميت ورثة من الرجال:
(أخ من الأم) العدد 1
(ابن عم من الأب) العدد 3
- إضافات أخرى:
الأخ غير الشقيق أخذ التركة المتمثلة في منزل وما فيه، وتصدق بها على أسرة بعيدة عنهم، والميت كانت له أراض بجوار المنزل يغرسها، وهي تابعة للدولة وليس لها وثائق، وغرس فيها أشجار فواكه، مع العلم أنه في بلدتنا معظم الساكنين ليس لديهم توثيق للأراضي التي بجوار منازلهم، والدولة تتركها لهم، لكن إن برمج مشروع معين تأخذها دون تعويض؛ لأنها تُعد من أملاك الدولة.
ما حكم الأسرة التي تصدق عليها بالمنزل، والأراضي التي فيها أشجار التي هي في الأصل تابعة للدولة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأخيه من الأم السدس فرضا؛ لقول الله تعالى في ولد الأم: ... وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ... {النساء : 12 }. والباقي لأبناء العم من الأب تعصيبا – بينهم بالسوية –؛ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.

فتقسم التركة على ثمانية عشر سهما, للأخ من الأم سدسها, ثلاثة أسهم, ولكل ابن عم من الأب خمسة أسهم.

وهذه صورتها:

جدول الفريضة الشرعية
الورثة / أصل المسألة 6 * 3 18
أخ من الأم 1 3
3 أبناء عم من الأب 5 15

وأما ما فعله الأخ من الأم من التصدق بالمنزل وما فيه، فإن كان فعله بإذن بقية الورثة، وكانوا بالغين رشداء فلا حرج عليه. وإن كان تصدق بها من غير إذنهم، أو بإذنهم ولكن كانوا غير بالغين، أو غير رشداء فإنه يضمن ما فاتهم من الإرث؛ لأن المنزل ليس له وحده بل يشاركه فيه بقية الورثة على ما ذكرنا. فإن تصدق به من غير رضاهم، فإنه يكون قد تصدق بمال غيره بغير رضاه فيضمن، ورضا غير البالغ، وغير الرشيد ليس معتبرا.

جاء في الموسوعة الفقهية في ذكر شروط التصدق بالمال: أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَال الْمُتَصَدَّقِ بِهِ، أَوْ وَكِيلاً عَنْهُ، فَلاَ تَصِحُّ الصَّدَقَةُ مِنْ مَال الْغَيْرِ بِلاَ وَكَالَةٍ. وَمَنْ فَعَل ذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ؛ لأِنَّهُ ضَيَّعَ مَال الْغَيْرِ عَلَى صَاحِبِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. يَقُول التُّمُرْتَاشِيُّ: شَرَائِطُ صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي الْوَاهِبِ: الْعَقْل، وَالْبُلُوغُ، وَالْمِلْكُ. ثُمَّ قَال: وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ؛ وَلأِنَّ الصَّدَقَةَ مِنَ الْقُرُبَاتِ فَتُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِيمَا إِذَا تَصَدَّقَ مِنْ مَال الْغَيْرِ دُونَ إِذْنِهِ. اهــ.
والأرض المجاورة أيضا ليس له أن يتصدق بها؛ لأنه إذا كانت الأرض مواتا ليست ملكا لأحد، وكان الميت قد استصلحها فقد صارت ملكه بالإحياء وتصير لورثته من بعده. وإذا كان الميت قد وضع يده عليها بدون استصلاح فليست ملكا له، ولكن لورثته من بعده الحق بالانتفاع بها كما بيناه في الفتوى رقم: 118446 وعلى كلا الحالين فإنه ليس لذلك الأخ من الأم أن يتصدق بها أيضا.

وإذا تبين لتلك الأسرة التي تُصُدِّق عليها بالمنزل والأرض أن أخا الميت أخطأ بذلك التصرف، وأنه تصدق بدون الرجوع للورثة، فإنه يلزمها أن ترد ما لا يملكه الواهب من المنزل والأرض للورثة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني