الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك العافية، واعلمي أننا بينا بالفتوى رقم: 170997 تعريف السلس، فسلس البول هو خروج البول بصورة لا إرادية. وهذا إن كان خروجه يستغرق جميع الوقت، بحيث يعلم المصاب به أنه لا يجد زمنا يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة، وبينا بها حكم جمع الصلاتين، وصلاته الفرائض، والنوافل، فراجعيها، وتوابعها.
وأما ما ذكرته من " نقاط بول " فإنه ليس سلساً، كما يتبين من الضابط أعلاه.
وقد بينا ما يلزم المصاب بخروج قطرات البول بعد قضاء الحاجة بالفتوى رقم: 159941، وتوابعها.
وبينا بالفتوى رقم: 114190 أن الصلاة بطهارة صحيحة مقدمة على فعل الجماعة، وعليه فيجوز بل يجب عليه أن يتأخر عن الجماعة حتى يكمل طهارته، فإذا توضأ بعد انقطاع القطرات فهو كسائر الناس، في الإمامة، والوضوء قبل الوقت، والاجتزاء بوضوء واحد حال الجمع بين الصلاتين، وغيرها إذا تطهر؛ لأن طهارته كاملة؛ إذ ليس هو صاحب سلس.
وأما إذا تبين لك من الضابط المذكور أنك صاحبة سلس فقد بينا بالفتوى رقم: 77591 أنه يجوز لصاحب السلس صلاة النوافل، والفائتة، بنفس الوضوء، إذا توضأ بعد دخول الوقت، ولم يخرج الوقت.
وعليه فإن أردت الذهاب إلى الحرم للصلاة، فلا بد من الوضوء بعد دخول الوقت، ولا يجوز تقديم صلاة الجماعة على الوضوء، لا سيما وأن الجماعة ليست واجبة على النساء.
وأما وضوؤك قبل الأذان فلا يصح عند جمهور الفقهاء خلافاُ للمالكية؛ وراجعي الفتوى رقم: 194261.
وأما إمامة صاحب السلس فالمفتى به عندنا صحة إمامته، وأن الأولى تركها خروجاً من الخلاف؛ وراجعي الفتوى رقم: 134757 ، وتوابعها.
وأما إمامة القعيد فقد سبق أيضاً صحتها في مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بشرطين: أحدهما أن يكون العذر مؤقتاً، والثاني أن يكون إمام الحي؛ وراجعي الفتوى رقم: 52322 ، والفتوى رقم: 7834.
وأما أيهما أولى ؟
فخلاصة القول: أن الأقرب صحة اقتداء كل منهما بالآخر، وهو مذهب الشافعية؛ إذ يصححون إمامة كل منهما، وعليه فيصلي أي منهما، حتى لا يؤدي إلى تضييع الجماعة.
وأما عند الحنفية فتصح إمامة الجالس لصاحب السلس، ولا يصح العكس.
وعند المالكية يكره إمامة صاحب السلس لغيره، بينما لا يصح عندهم إمامة المقعد.
أما عند من يبطل إمامتهما كالحنابلة -في المشهور- ، فلا يشرع اقتداء أحدهما بالآخر.
جاء في كشاف القناع: (وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِالْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ) مِنْهَا. (وَلَا بِالْعَكْسِ) أَيْ اقتداء الْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِالْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأُوَلِ (وَلَا اقْتِدَاءُ مَنْ يُبَدِّلُ حَرْفًا مِنْهَا بِمَنْ يُبَدِّلُ حَرْفًا غَيْرَهُ) لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ. انتهى.
وقال الحجاوي في الإقناع: ولا خلف من به سلس بول ونحوه، أو عجز عن ركوع، أو رفع منه كأحدب، أو سجود، أو قعود أو عن استقبال، أو اجتناب نجاسة، أو عن الأقوال الواجبة ونحوه من الأركان أو الشروط إلا بمثله.
وجاء في تبيين الحقائق للنسفي الحنفي ممزوجاً بكنز الدقائق: (قوله ويجوز اقتداء المعذور بالمعذور إن اتحد عذرهما) مخالف لقول الزاهدي: واقتداء المستحاضة بالمستحاضة، والضالة بالضالة لا يجوز كالخنثى المشكل بالخنثى المشكل. اهـ .وفي الضالة نقلا عن مختصر البحر المحيط: لو اقتدى خنثى بمثله يجوز استحسانا، وفي القياس لا يجوز لاحتمال أنه أنثى والمقتدي بها ذكر. وقال في الوبري: لا يجوز لما ذكرنا، وكذا في المحيط. اهـ. قال الحدادي - رحمه الله - ويصلي من به سلس البول خلف مثله، وأما إذا صلى خلف من به السلس وانفلات الريح لا يجوز؛ لأن الإمام صاحب عذرين، والمأموم صاحب عذر واحد. اهـ.
والله أعلم.