الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دعاء العبد على نفسه بالمصائب لتكفير ذنوبه

السؤال

هل يجوز الدعاء بأن يحرمني الله شيئا أو أشياء في الدنيا مثل (الزواج .الذرية .المرض .الفقر.....) تكفيرا لما اقترفت من الآثام.
فأنا إذا دعوت بذلك أشعر بالإخلاص في الدعاء، وصدق التوبة؛ لأنها أشياء صعبة، ورغم ذلك ألح بالدعاء لعل الله يرضى عني، ويستجيب لي، ثم يحرمني، فيغفر لي.
فهل ما أفعله جائز وهل هذه الرؤية صحيحة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وردت النصوص بالنهي عن دعاء العبد على نفسه، فعن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟» قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة، فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله لا تطيقه - أو لا تستطيعه - أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار " قال: فدعا الله له، فشفاه.
قال النووي في شرحه: وفيه كراهة تمني البلاء؛ لئلا يتضجر منه ويسخطه، وربما شكا. اهـ.

وفي حديث جابر : لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم. أخرجه مسلم.

ومن فضل الله أن جعل مكفرات كثيرة للخطايا، كالتوبة النصوح، والاستغفار، والأعمال الصالحة، وليس تكفير الذنوب مقتصرا على المصائب.

قال ابن تيمية: فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقا إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرة: منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدى للميت من الثواب كالصدقة والعتق عنهم، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال القيامة. اهـ. من مجموع الفتاوى.

فالعبد ينبغي له أن يتوب إلى الله، وأن يستغر من ذنوبه، وأن يسأل الله العافية، وألا يتمنى البلاء، فلا يدري العبد إن أصابه لعله يجزع ويسخط.

وانظر للفائدة الفتوى رقم: 10859

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني