السؤال
هل هناك حالات يحب فيها السكوت المؤقت عن أهل البدع؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي أن يعلم ـ أولا ـ أنه لا يجوز الحكم على شخص بالبدعة إلا إذا وقع فيما هو بدعة في الشرع، واستوفى شروط الحكم عليه بالبدعة، وانتفت عنه موانع ذلك، فإذا تحققت هذه الشروط، وانتفت الموانع، فعلى المسلم أن لا يشهر أمر المبتدع بين الناس، وأن لا يهجره أو يقاطعه، بل يناصحه ويبين له الحق، فإن رجع إلى الحق، فذلك المطلوب، وإن أصر على بدعته فلا يجل ولا يوقر، وإنما يعامل معاملة المسلم العاصي، ويترك دون إظهار أمره، إلا أن يجاهر ببدعته، ويدعو إليها، فحينئذ وجب الإنكار عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَمَنْ كَانَ مُبْتَدِعًا ظَاهِرَ الْبِدْعَةِ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ. انتهى.
فهذا هو الأصل في هذا الباب: أن البدع وأهلها المظهرين لها يجب الإنكار والرد عليهم، ولا شك أن الرد على أهل البدع من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الباب ينبغي أن تراعى فيه المصالح والمفاسد، فقد تكون المصلحة في عدم الرد على بعض أهل البدع، لكونهم في مقام الرد على أهل الكفر والإلحاد، فإذا رددنا عليهم في هذا المقام أعنّا الكافرين عليهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في منهاج السنة النبوية: وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ ظَلَمَةٌ فَسَقَةٌ، وَمُظْهِرُونَ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ سَبِّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، لَكَانَ الْعَاقِلُ يَنْظُرُ فِي خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ وَشَرِّ الشَّرَّيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مَا يَقُولُونَ، لَكِنْ لَا يُعَاوِنُونَ الْكُفَّارَ عَلَى دِينِهِمْ، وَلَا يَخْتَارُونَ ظُهُورَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ عَلَى ظُهُورِ بِدْعَةٍ دُونَ ذَلِكَ؟. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 19998.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني