السؤال
السؤال الأول: علينا زكاة مال متأخرة ولا أعرف متى اكتمل نصاب المال والذهب، فماذا أفعل؟ عند حساب زكاة الذهب فكيف أعرف سعر جرام الذهب على مر السنين الفائتة؟ فأنا أعرف تقريبا سعر الذهب قبل 20 سنة لأول ذهب نشتريه وأعرف سعره الآن، فهل آخذ بالمتوسط؟.
السؤال الثاني: أبي هو صاحب المال الذي عليه الزكاة، ولكنه يترك المال في تصرف أمي ولا يعرف كم عدد الأموال التي عنده، فهل تجب عليها زكاة أم لا؟ وهل يشترط علمه بأننا سوف نخرج الزكاة، علما بأنه كان يعمل ويعطي المال لأمي لتنفق علينا ولا يسأل عن شيء تقريبا؟ فماذا نفعل؟.
السؤال الثالث: أمي أخرجت مبلغا من المال بنية الزكاة دون علم أبي ـ كما بينت ـ ودون حساب لمبلغ الزكاة المستحقة، فهل هذا صحيح أم لا؟ وهل نكمل إخراج الباقي بعد حساب الزكاة؟ أم نخرج المبلغ من جديد؟.
السؤال الرابع: قمنا بتوزيع هذا المال على الأبناء دون علم الأب، فهل هذا صحيح؟ وهناك أحد الأبناء لا يريد أن يأخذ نصيبه ويريد أن يتنازل عنه لإخوته، فهل يجوز ذلك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام، والبخل بها ومنعها مستحقها من كبائر الذنوب، وصاحبه معرض للوعيد العاجل والآجل، وقد وردت النصوص الكثيرة مرهبة من منع الزكاة والبخل بها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{التوبة:34}.
وروى أحمد والشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح فتكوى بها جنباه وجبهته حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
والواجب عليك الآن أن تتحرى معرفة الوقت الذي بلغ فيه مالُك نصاباً ـ ومقدار النصاب هو ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب الخالص، أو 595 جراما من الفضة الخالصة ـ ثم تزكي هذا المال على رأس الحول الهجري، فإن كان الحول قد حال على ما بيدك وهو نصاب فأكثر فتجب عليك المبادرة بإخراج زكاته فوراً، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. انتهى.
وأما إخراج زكاة الذهب: فإن كان الذهب المذكور حلياً يراد للاستعمال المباح فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 69644، أن جمهور أهل العلم على عدم وجوب زكاته، وأن أبا حنيفة يقول بالوجوب، وذلك هو رأي بعض العلماء المعاصرين، وهو الأحوط.
وإذا أردت إخراج زكاته نقوداً فاعرف القيمة التي يباع بها الذهب في السوق وقت وجوب الزكاة في كل عام، ثم أخرج اثنين ونصف في المائة من جميع قيمة الذهب، وإن كان الذهب المذكور غير حلي فتجب زكاته إذا كان نصاباً وحال عليه الحول، وتخرج زكاته على النحو السابق، وإذا لم تتمكن من معرفة قيمة الذهب على وجه التحديد في كل سنة فقد تقدم في فتوى اللجنة الدائمة السابق الإشارة إليها أن للشخص أن يعمل بظنه في تقدير المال إذا شك فيه...
وأما جواب السؤال الثاني: فإذا كان هذا المال مملوكا ملكًا تامًا لأمك, وليس مودعا عندها، فوجوب الزكاة يكون على أمك، ولا يشترط إخبار أبيك عند إخراج الزكاة حينئذ، وأما إذا كان المال مودعا عند أمك، وإنما أذن لها في التصرف فيه فقط، فوجوب الزكاة يكون على أبيك، ويشترط حينئذ في إخراج الزكاة نية المزكي صاحب المال، وهو أبوك، فلهذا لا يجزئ إخراج الزكاة عنه دون علمه وإذنه، وراجع الفتوى رقم: 58119.
وعليه يعلم جواب السؤال الثالث: فإذا كانت أمك قد أخرجت الزكاة في السابق عن مال أبيك دون علمه وإذنه، فلا يجزئ ذلك، ويجب إخراجه من جديد بعد إعلامه وإذنه، وأما إذا كان المال قد ملّكه أبوك لأمك فما أخرجته أمك من زكاة يصح ثم تخرج ما تبقى عليها من زكاة بعد حسابها.
وأما جواب السؤال الرابع: فإن كنت تقصد بالمبلغ الموزع المبلغ المخرج للزكاة: فالجواب أنه لا يجوز إعطاء الزكاة للأولاد، لأن دفع الزكاة لمن تلزم نفقته غير جائز، اللهم إلا أن يكونوا ممن لا تلزم نفقتهم، وراجع في تفصيل ذلك وكلام أهل العلم فيه الفتوى رقم: 121017.
وإن كنت تقصد توزيع مال الأب على أبنائه دون علمه، فإن هذا لا يجوز.
والله أعلم.