السؤال
ذات مرة في رمضان؛ لا أذكر هل حضت قبل المغرب أو بعده، وكنت خارج البيت، ولم أستطع الذهاب للرؤية. وقد سألت أمي: هل أقضي هذا اليوم أم لا؟ فقالت: ليس عليك شيء إن شاء الله، وأمي ليست بفقيهة، لكن كل المسائل في هذا الموضوع كنت أسأل عنها أمي عندما كنت صغيرة، فلم أقض هذا اليوم، كما قالت أمي، لكن خفت بعد ذلك أن يكون قضاء ذلك اليوم واجبا علي، فقضيته في السنة التالية احتياطا.
فهل علي كفارة؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الأصل صحة الصوم حتى تتيقني من بدء حيضتك قبل غروب الشمس، ومجرد الشك لا يبطل به الصوم .
وفي صحيح البخاري عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «لاَ يَنْفَتِلْ - أَوْ لاَ يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
وقال الإمام القرافي في (الفروق): الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَشْكُوكٍ فِيهِ مُلْغًى ... وَكُلُّ مَانِعٍ شَكَكْنَا فِي وُجُودِهِ جَعَلْنَاهُ مُلْغًى كَالْمَجْزُومِ بِعَدَمِهِ، فَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ إنْ وُجِدَ سَبَبُهُ، فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ.
فما لم تتيقني أن حيضتك بدأت قبل المغرب، لايلزمك القضاء؛ لأن اليقين بصحة الصوم قبل الشك لا يزيليه إلا يقين مثله. وقد قررنا ذلك في الفتوى رقم: 39368
وكان الواجب عليك أن تسألي أهل الفتوى لاغيرهم؛ فقد قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. (سورة النحل : 43).
فإن كنت صغيرة ـ كما ذكرت في سؤالك ـ فالصغيرة غير البالغة لا يجب عليها الصوم، ولا القضاء.
وأما كفارة تأخير قضاء رمضان إلى دخول رمضان الذي يليه بلا عذر ـ فإنما تجب في القضاء الواجب، وما قمتِ به من الصوم فهو من الاحتياط وليس من القضاء الواجب، فلا تلزمك كفارة تأخير قضاء ذلك اليوم.
والله أعلم.