الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دعاء الدائن على المدين إذا تأخر أو عجز عن السداد

السؤال

أخي الكريم: أنا طالب بكلية الهندسة, وقد أخذت الثانوية من السعودية, ثم انتقلت لمصر من أجل أن أكمل الهندسة - فأنا مصري - واقترضت من أصحاب لي هناك مبلغًا قدره 800 ريال تقريبًا, وعندما اقترضت المبلغ منهم كنت أنوي سداده, وأعلم أني أستطيع إعادته, لكن ظروفًا حدثت لي أعاقت ذلك, وأحدهم استدنت منه 250 ريالًا, وعندما اقترضت منه أخبرته بشيء غير الذي استدنته لأجله دفعًا للحرج, وهو قال لي: (خذه, ولا ترجعه, فهو مني) وأنا متضايق الآن؛ لأني لم أخبره بحقيقة الأمر الذي أخذته لأجله, فهل من اللازم أن أرحل إليه, وأخبره حقيقة سبب أخذي للمبلغ - مع أنه سامحني -؟ ولو أن شخصًا متضايقًا مني دعا عليّ في شيء - والله يعلم أني في قلبي أريد أن أعيده لهم قدر المستطاع - لكن الظروف منعتني, فأرجو أن توضحوا لي الأمر - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما ما يتعلق بهذا الدين: فطالما أنك اقترضت, وأنت تنوي القضاء, ولم تفرط عند الاستطاعة, فلا حرج عليك, وإن عجزت, أو تأخرت في السداد، ومدرك ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.

قال في منار الساري: أي من أخذ شيئًا من أموال الناس دينًا، أو وديعة يريد قضاء الدين وتسديده لصاحبه عند أوّل فرصة سانحة، كما يريد المحافظة على تلك الوديعة حتى يعيدها إلى صاحبها سالمة كاملة "أدّى الله عنه" أي: يسّر الله له قضاء الدين في الدنيا، وهيأ له من أسباب الرزق ما يقضي به ذلك الدين، وإن مات ولم يتيسّر له قضاء ذلك الدين مع حسن نية، وصدق عزيمة, وشدة رغبة في قضائه، ومات والدين باق عليه، فإن الله يؤدي عنه ذلك الدين في الآخرة بإرضاء غريمه عنه بما شاء أن يرضيه به.

وأما ما يتعلق بهذا المبلغ (250): فإن كان هذا الواهب إنما وهبه لك لتجعله فيما حددت له, فلا تستحله إلا بذلك، وطالما أن الأمر - كما ذكرت - فيلزمك رده إليه متى استطعت, أو تحلله منه, وراجع للمزيد الفتوى رقم: 154743 .

وأما ما يتعلق بدعاء هؤلاء الغرماء: فعلى فرض وقوعه منهم, لا يصيبك منه أذى ولا مكروه - إن شاء الله تعالى - لأنك معذور, ومنظر شرعًا, لا يعتريك الحرج حتى توسر، فليس لأحد أن يدعو عليك، وإن فعل فلا يستجاب دعاء الظالم.

وراجع الفتوى رقم: 21067 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني