الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقوع الرجل في مقدمات الزنا مع امرأة لا يمنع تقدمه لخطبتها إن كانت زلة وتابت منها

السؤال

أولًا: أشكر كل القائمين على هذا الصرح المبارك, وأسأل الله العظيم أن يبارك لهم وفيهم, وأن يوفقهم لكل ما يحبه ويرضاه.
أنا شاب في 27 من العمر, على قدر من الخلق - والحمد لله - لكن الشيطان أغواني وتعرفت إلى فتاة عبر النت منذ عامين تقريبًا, ونشأت بيننا علاقة, ولم أرها حينئذ إطلاقًا, ومع مرور الوقت أغوانا الشيطان وأصبحنا نتحدث عن طريق النت, وأحيانًا نتحدث بالكلام المعسول, وفي بداية الأمر كان الكلام في إطار محترم, وكانت تظهر الاحترام والخلق الحسن, لكنه تغير كل شيء, وتم تحديد موعد ليكون اللقاء الأول والثاني بيننا, وذلك بعد عامين من التعرف, وحدث بيننا ما لا يرضي الله, فقد حدثت بيننا أمور حميمية وغرامية - والعياذ بالله - وهي على قدر من الجمال, وتعلقت بي, وتود لو أتقدم لخطبتها, وما حدث بيننا لم يكن من أخلاقي, ولا من مبادئي, لكن النفس أمارة بالسوء, فقد زغت عما كنت عليه, وصارحتني أنها لم تقع في أي علاقات غرامية من قبل, مع العلم أنها محجبة, والشك راودني من ذلك, وسألتها عن حياتها الجامعية من قبل, وأقرت بأنها تلقت مضايقات ممن كانوا يودون خطبتها فقط, وهي تعيش في وسط ومجتمع كأنك في بلد أوروبي, فهل أستطيع أن أتقدم لها بعد الذي حدث بيننا؟ وما كفارة هذا الجرم الكبير؟ وهل أعتبر زانيًا مع أني لم أزنِ؟ وهل أدخل في من قال الله فيهم: "الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات "؟ وهل لهذا تأثير على حياتي إن أنا قمت بالزواج منها؟
ذنوبي تؤرقني, وضميري يؤنبني, ولم أرتح بعد مما فعلت, فأرشدوني - بارك الله فيكم - فأنا في حيرة من أمري, وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا, ونسأل الله أن يوفقنا وإياك إلى كل خير, وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل بمنه وكرمه سبحانه.

ولا يخفى أن التعارف بين الفتيان والفتيات سبيل إلى الفتنة والفساد, ومن هنا حذر منه الدعاة والمصلحون كثيرًا، وما وقع منك مع هذه الفتاة خير شاهد على ذلك, فالواجب عليك التوبة, وقطع أي علاقة لك معها، وإزالة كل وسيلة قد تكون ذريعة إلى العودة لهذا الذنب مرة أخرى، وشروط التوبة مبينة بالفتوى رقم: 5450.

وإن سألت الثقات عنها وتبين لك أنها صالحة, ولكن الشيطان قد أغواها تلك المرة, وتابت إلى الله، فما وقع منك معها ليس بمانع شرعًا من التقدم لخطبتها, والزواج منها، وقد روى ابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

ومع الاستشارة عليك بالاستخارة، وراجع فيها الفتوى رقم: 19333, ومن تاب من ذنبه تاب الله عليه, فلا يؤاخذه الرب الرحيم سبحانه به، فلا تلتفت لأي وساوس من هذه الجهة قد تمنعك من الزواج منها.

وكل من الزنا الحقيقي والزنا المجازي قد سبق التعريف بهما بالفتوى رقم: 125770 فراجعها لتعرف حقيقة هذه الممارسات التي فعلتها مع هذه الفتاة.

وقولك: "وأدخل فيمن قال الله فيهم: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ {النور:26}، " جوابه: أن هذا المعنى لا يشملك، فالمقصود به بيان كون العفة شرطًا لصحة النكاح، فهي في معنى قوله تعالى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3}، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 16706.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني