الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تقدر الأجرة لمن استؤجر على عمل فلم يتمه لسبب خارج عنه

السؤال

أنا مهندس إعلامي، ومهنتي البرمجة. اتفقت مع شخص ما على صنع برنامج له بمبلغ معين، ونجح هذا البرنامج. فأعجب هذا الشخص بالعمل، وطلب مني صنع برنامج آخر بمبلغ معين. لكنني قضيت وقتا طويلا (شهرا أو أكثر) دون أن أستطيع الوصول إلى الهدف الذي يريده الحريف، وذلك لسبب يخرج عن نطاقي. فالهدف من البرنامجين كان استخراج معلومات من مصدري معلومات بطريقة أوتوماتيكية. لكن بعد الدراسة و قطع أشواط في العمل تستطيع أن تعرف إن كان مصدر المعلومات أصلا يتيح لك استجوابه بطريقة أوتوماتيكية أو لا. فتبيين أن البرنامج الثاني يستجوب مصدرا للمعلومات من النوع الذي لا يتيح ذلك. فقضيت وقتا طويلا في العمل دون أن يعطيني مقابلا. فغضبت، وتخاصمنا؛ لأني أضعت وقتا دون أن آخذ مقابلا لتعبي ووقتي، وقد كان يمكن لي أن أستثمر هذا الوقت في عمل آخر أجني منه مالا، خاصة وأن سبب الفشل كان خارجا عني.
ثم أراد هذا الحربف أن يعمل معي برنامجا ثالثا، على أن نتفق على صيغة تضمن لي تعبي إن فشل البرنامج لسبب خارج عني. فاقترحت عليه أن أؤجر نفسي بالساعة، ولم يرد هو ذلك (ربما لأن عدد الساعات سيكون مجهولا، فلا يستطيع أن يعرف من البداية إن كانت ميزانياته تسمح بذلك أم لا). فاقترح هو أن نتفق على مبلغ معين كالعادة، على أن يعطيني ثلث المبلغ من البداية، سواء نجح البرنامج أم لم ينجح. وتم الأمر كذلك.
فهل هذه المعاملة جائزة؟
وإن كانت غير جائزة، ماذا أصنع في ما أخذته وقد صرفته ؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصيغة التي اقترحها رب العمل قد يترتب عليها غرر للطرفين؛ ولذا فالذي نراه أنه إن كان تصميم هذا البرنامج عملا معلوما لكنه قد تعترضه عوارض تمنع من إتمامه، فإنكما تتفقان على إنجاز البرنامج (من باب الإجارة على العمل) مقابل أجرة معلومة، فإن تعذر عليك إتمام العمل لأمر خارج عن قدرتك واستطاعتك، فإنك تستحق من الأجرة بقدر ما عملت، يقدره أهل الاختصاص والخبرة، وقد يكون أكثر من ثلث الأجرة أو أقل. فهذا هو العدل، ونظير ذلك ما ذكره الفقهاء من استئجار من يعمل عملا كحفر بئر معلومة العمق والأبعاد مثلا، ثم لا يستطيع إكماله لطبيعة الأرض ونحو ذلك، فيعطى بقدر ما عمل .

وجاء في القوانين الفقهية لابن جزي مبينا الفرق بين الجعالة والإجارة: إذا عمل الأجير في الإجارة بعض العمل حصل له من الأجرة بحساب ما عمل، ولا يحصل له في الجعل شيء إلا بتمام العمل. وذكر مثله العدوي في حاشيته.

وعليه، فإن تم تصحيح العقد على وفق ما بيناه، فما كنت صرفته، أوما كان باقيا بيدك من المال الذي دفعه إليك صاحبك، لا حرج عليك في الانتفاع به؛ لأنه من أجرة عملك، و لو فرض أنك قد أنجزت البرنامج وفق العقد الفاسد المشتمل على غرر فيكون لك على صاحبك أجرة المثل وما زاد عليها ترده إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني