الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: (أنت وليي في الدنيا والآخرة) ومعناه

السؤال

أرجو شرح هذا الحديث إن ثبتت صحته.
بغيه الرائد، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ الهيثمي، الجزء التاسع، ص 146‏، حديث-14665‏
وعن علي لما نزلت هذه الآية:(وأنذر عشيرتك ‏الأقربين) قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بيته، ‏فاجتمع له ثلاثون رجلا، فأكلو أو شربوا. قال: فقال لهم: (من يضمن عني ديني ومواعيدي ‏ويكون معي
في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي) فقال رجل لم ‏يسمه شريك: يا رسول الله أنت كنت بحرا من ‏يقوم بهذا ؟قال: ثم قال الآخر فعرض ذلك على ‏أهل بيته فقال علي: أنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تكلم المحدث الألباني على هذا الحديث بما لا مزيد عليه، فقال كما في السلسلة الضعيفة ...فقد رواه شريك عن الأعمش عن المنهال به، ولفظه: "من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟! ".أخرجه أحمد (1/ 111) ، وعنه الضياء المقدسي (476 - بتحقيقي) ، والبزار (2418) . وقال الهيثمي (9/ 113) : "وإسناده جيد"! كذا قال! ورجاله ثقات؛ غير عباد بن عبد الله الأسدي؛ فإنه ضعيف. وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ؛ ولذلك لم يحتج به مسلم، وإنما روى له متابعة كما يأتي. لكن له طريق أخرى بلفظ: ".. فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي؟! ". أخرجه أحمد (1/ 159) من طريق أبي صادق عن ربيعة بن ناخذ عن علي. قلت: وإسناده جيد؛ لولا جهالة في ربيعة بن ناخذ؛ كما تقدم مراراً. ورواه ابن جرير أيضاً في "التاريخ" (2/ 321) . ونقل السيوطي عنه أنه صححه؛ كما في "كنز العمال" (6/ 396/ 6045) . وله شاهد من حديث ابن عباس بلفظ: وقال لبني عمه:"أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ " - قال: وعلي معه جالس - فأبوا. فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. قال:"أنت وليي في الدنيا والآخرة". ليس فيه ذكر للخلافة مطلقاً. أخرجه أحمد (1/ 330-331) ، وعنه الحاكم (3/ 132-134) ، والنسائي في "الخصائص" (ص 6-7) في حديث طويل؛ فيه عشر خصائص لعلي رضي الله عنه هذه إحداها. وقال الحاكم:"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ على ضعف في أحد رواته لا يقبل ما يتفرد به، كما يشير إليه قول الهيثمي (9/ 120) : "ورجال أحمد رجال "الصحيح"؛ غير أبي بلج الفزاري؛ وهو ثقة، وفيه لين". قلت: فهذه الطرق يدل مجموعها على أن الخلافة المذكورة في هذا الحديث - وكذا في غيره مما لم نذكره هنا - إنما هي خلافة خاصة في أهله - صلى الله عليه وسلم - وعشيرته.....إلى أن قال رحمه الله تعالى :وقد أحسن بيان ذلك الإمام ابن كثير؛ فقال - عقب الطرق المتقدمة -: "فهذه طرق متعددة لهذا الحديث عن علي رضي الله عنه، ومعنى سؤاله - صلى الله عليه وسلم - لأعمامه وأولادهم أن يقضوا عنه دينه ويخلفوه في أهله، يعني: إن قتل في سبيل الله؛ كأنه خشي إذا قام بأعباء الإنذار أن يقتل، فلما أنزل الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) ؛ فعند ذلك أمن. وكان أولاً يحرس حتى نزلت هذه الآية: (والله يعصمك من الناس) ، ولم يكن أحد في بني هاشم - إذ ذاك - أشد إيماناً وإيقاناً وتصديقاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علي رضي الله عنه، ولهذا بدرهم إلى التزام ما طلب منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم كان بعد هذا - والله أعلم - دعاؤه الناس جهرة على الصفا، وإنذاره لبطون قريش عموماً وخصوصاً؛ حتى سمى من سمى من أعمامه، وعماته، وبناته لينبه بالأدنى على الأعلى؛ أي: إنما أنا نذير، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم". اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني