السؤال
لدي سؤال وأتمنى إجابة دقيقة منكم عليه، وأن تتفهموا الأمر بوضوح.
أعمل بمؤسسة لاستيراد السيارات من الخارج، أعمل مع صاحب المؤسسة بنظام الشراكة أي بنسبة 10% على السيارات التي أستوردها لحسابه.
قام هو بتغيير الاتفاق بعد ما كبرت المؤسسة وتضاعفت الأرباح، وإلزامي بعدد محدد فقط من السيارات، وأكرهت على القبول بذلك نظرا للظروف التي أنا فيها.
المهم توافرت أمامي فرصة للعمل مع شخص آخر في نفس المجال، وأخذ عمولة على كل سيارة يستوردها، وللعلم أخذ عمولة على كل سيارة يستوردها بدون أي تدخل مني، لأنه يعتبر أني فتحت أمامه باب خير ولا بد أن آخذ عمولة على كل سيارة يستوردها، وقد عملت مع هذا الشخص خلال فترة إجازتي الرسمية ثلاثة شهور وأنا في بلدي.
طبعا هذا الأمر بدون علم صاحب العمل، وعملي مع الآخر ما هو إلا إجراء مكالمة هاتفية فقط، أو إرسال إيميل، ولا يؤثر هذا العمل إطلاقا على صاحب العمل الذي أنا فيه.
وأحاول أن أقوم بالمكالمات في غير الدوام الرسمي؛ وأغلب عملي قمت به وأنا في الإجازة السنوية في بلدي، ولم أكن في العمل.
تقاضيت عمولات من هذا العمل، وأصرف منها وأعمل بها حاليا.
فما حكم هذا المال هل هو حرام أم حلال؟
وإن كان حراما فماذا أفعل بعدما صرفت منه؟
أم أكون آثما وما كسبت من مال حلال؟
وهل أنا بنظام شراكتي مع صاحب العمل الأول تنطبق علي أحكام الإجارة وشروطها أم شريك أم ماذا؟
وهل هناك فرق في حالة عملي مع صاحب العمل الثاني وأنا على رأس العمل أو أنا في إجازتي؟
لا أدري؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبرة في حقيقة عملك وتكييفه إنما يحكم عليه من خلال العقد الذي بينك وبين صاحب المؤسسة؛ ونحن لم نطلع عليه. لكن ما ظهر من خلال عباراتك، وما أوردته في سؤالك، يدل على أنك موظف بالمؤسسة؛ والموظف له حكم الأجير الخاص، ومن أحكام الأجير الخاص أنه لا يجوز له أن يعمل أثناء الدوام في وظيفة أخرى غير عمله، وأما خارج وقت الدوام فالأصل فيه الجواز بشرط ألا يضر ذلك بعمله الأصلي. فإن كان عملك قد تم خلال إجازتك، أو خارج وقت دوامك الرسمي، فلا حرج عليك فيما اكتسبته منه.
لكن لا بد من الإشارة إلى أن جعل الأجرة نسبة مما يتحصل عليه من العمل مختلف في جوازها بين العلماء؛ لما أخرجه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
فدل على أنه لا يصح جعل الأجرة نسبة للجهالة فيها، بل لا بد من معلوميتها، وهذا هو مذهب الجمهور . وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.
قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه، أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله، جاز، نص عليه في رواية حرب. وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه. أو دفع ثوبا إلى من يخيطه، أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك، أو بيني وبينك فلا بأس به.
وهذا هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية. حيث قال في مجموع الفتاوى: وإن كان العوض مما يحصل من العمل جاز أن يكون جزءاً شائعاً؛ كما لو قال الأمير في الغزو: من دلنا على حصن كذا فله منه كذا. انتهى.
وعلى هذا القول لا حرج في الاتفاق بينك وبين صاحب المؤسسة أو غيره على أن تكون أجرتك نسبة مما يكتسب بسبب جهدك وعملك.
وأما قولك: هل هنالك فرق بين ما لو كانت المعاملة إجارة، أو شراكة أو غير ذلك؟ فالجواب أن ذلك مؤثر من حيث إن العامل لو كان أجيرا خاصا مقدرا نفعه بالزمن، فليس له العمل في وقت دوامه مع غير مستأجره، وأما لو كان أجيرا مشتركا، كأن تكون الإجارة على العمل، فهنا يجوز للعامل أن يعمل لمن شاء، وكذلك لو كان العقد جعالة، كما لو قال صاحب المؤسسة: من يستورد لي سيارة فله نسبة كذا من الربح -مثلا- فهذه جعالة؛ ويجوز لمن يسعى فيها أن يعمل لمن شاء، فإن عمل المطلوب استحق الجعل وإلا فلا شيء له. وهكذا فالعقود تختلف فيما يترتب عليها من أحكام .
والله أعلم.