الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فالفجر -كما ذكرت- له أذانان, وقد ذكرنا الحكمة من مشروعيتهما وما يترتب عليهما في الفتوى رقم: 101337, وسنة الفجر تكون بعد الثاني منهما الذي يكون عند طلوع الفجر الصادق, وهو البياض الممتد في الأفق من الشمال إلى الجنوب, فهذا الأذان هو الذي يدخل به وقت صلاة الفريضة, وتؤدى بعده سنة الفجر, ويمسك به الصائم عن الطعام والشراب وسائر المفطرات.
وإذا دخل الشخص المسجد بعد طلوع الفجر فإن سنة الفجر تكفي عن تحية المسجد؛ إذ المقصود أن يصلي الداخل إلى المسجد ركعتين, وهذا يحصل بسنة الفجر أو غيرها من الصلوات, قال النووي في المجموع: ولا يشترط أن ينوي بالركعتين التحية, بل إذا صلى ركعتين بنية الصلاة مطلقًا أو نوى ركعتين نافلة راتبة, أو غير راتبة, أو صلاة فريضة مؤداة, أو مقضية, أو منذورة أجزأه ذلك, وحصل له ما نوى, وحصلت تحية المسجد ضمنًا, ولا خلاف في ذلك, قال أصحابنا: وكذا لو نوى الفريضة وتحية المسجد, أو الراتبة وتحية المسجد حصلا جميعًا بلا خلاف. اهــ.
ولا شك أن الأنظمة العلمانية التي حكمت المسلمين لعقود – وما زالت - لا شك أنها كانت سببًا رئيسًا في جهل المسلمين بدينهم, وبعدهم عن شريعة ربهم.
والأذان بالصيغة التي كتبتها صحيح, وينبغي للمؤذن أن يرجع الشهادتين بأرفع من صوته الأول بالشّهادتين, وهذه الصيغة فيها الجمع بين الترجيع وبين تربيع التكبير, وقد صح بها الحديث ففي سنن أبي داوود من حديث أبي محذورة - رضي الله عنه - قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ, قَالَ: فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِي وَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ، ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ، ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِنْ كَانَ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . اهــ. والحديث صححه الألباني.
وأخذ بهذه الصيغة الشافعية حيث اختاروا الجمع بين الترجيع وتربيع التكبير في أول الأذان, وخالفهم المالكية فقالوا: بالترجيع وتثنية التكبير, وعكس الحنفية فقالوا: بتربيع التكبير وحذف الترجيع, قال الماوردي الشافعي في الحاوي: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَذَانِ عدد كلماته عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً عَلَى مَا وَصَفَهُ بِتَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ, وَالثَّانِي وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّ الْأَذَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِتَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لَكِنْ بِإِسْقَاطِ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنَ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ فِي أَوَّلِهِ, وَالثَّالِثُ: هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَذَانَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِإِثْبَاتِ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ فِي أَوَّلِهِ وَإِسْقَاطِ تَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ، فَصَارَ مَالِكٌ مُوَافِقًا لَنَا فِي التَّرْجِيعِ مُخَالِفًا فِي التَّكْبِيرِ، وَصَارَ أَبُو حَنِيفَةَ مُوَافِقًا لَنَا فِي التَّكْبِيرِ مُخَالِفًا فِي التَّرْجِيعِ. اهــ
ولكن ما يذكره المؤذن عندكم من قوله: " الصلاة حضرت يرحمكم الله، الصلاة حضرت يرحمنا ويرحمكم الله " هذا القول غير مشروع وبدعة في الدين, وإنما تشرع الإقامة بلفظها المعروف عند خروج الإمام للصلاة.
والله تعالى أعلم.