السؤال
أنا أحب فتاةً منذ أكثر من عشر سنوات، ولكني لم أتكلم معها, وكنت أعرض عنها حياءً وخوفًا, ولم أستطع طلبها للزواج لضيق الأحوال, وعدم توفر عمل لي، وأنا كنت أشعر من داخلي شعورًا يقينيًا أن الفتاة تحبني أيضًا, وذلك بسبب بعض الإشارات التي كانت ترسلها لي, ولكني مع ذلك كنت أعرض عنها، وقد تزوجت الفتاة الآن, ولقد تأثرت بذلك حتى احترق قلبي, وأنا أحارب عذاب العشق بذكر الله, وقد ارتحت بذلك كثيرًا، ولكن سؤالي حول جواز أن أدعو بهذا الدعاء كأن أقول: اللهم زوجني بها إن كان في ذلك خير لي ولها في ديننا, وأنا أعلم أن الدعاء بالزواج من متزوجة لا يجوز, ولكن ما حكم الدعاء إذا كان معلقًا بقولي: إن كان في ذلك خير لي ولها في ديننا, مع العلم أن الفتاة قد تزوجت برجل ليس من أهل التقوى - فيما يظهر - بل لعله تارك للصلاة بالكلية, فما حكم الدعاء بهذه الحالة؟ ثم ما حكم الدعاء إن جاء بصيغة أخرى بحيث يكون الدعاء ظاهره لا غبار عليه, ولكني أضمر في نفسي المعنى الذي أريد كأن أقول: اللهم يا من رددت موسى لأمه كي تقر عينها ولا تحزن رد إليّ من أحب, وتكون نيتي في هذا الدعاء الفتاة المتزوجة التي أحب, أو أن أقول مثلاً: اللهم إن نبيك قد قال: إنه لم ير للمتحابين مثل الزواج, اللهم فزوجني بمن أحب؟ ثم ما حكم الدعاء بأن تكون هي زوجتي في الجنة؟
وأخيرًا: أقول - والله شاهد على ما أقول - إني أعلم أن كل ما فوق التراب تراب, ولكني أحب الزواج؛ بها كي تكون زوجتي في الجنة - إن شاء الله - ولا يهمني هذه الدنيا الفانية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبحان الله لا ندري لماذا يضيق المرء على نفسه, ويحجر عليها واسعًا، ويشغلها بما هي في غنى عنه, فإن كان قد فاتك الزواج من هذه الفتاة فالنساء غيرها كثير، وما يدريك أنك لو تزوجتها كان خيرًا لك، فقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، فلا تأسَ على ما فات, واستقبل ما هو آت، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{الحديد22 : 23}.
وقد أحسنت باجتهادك في محاولة صرف قلبك عن التفكير فيها فاثبت على ذلك، واستعن بالله، ولمزيد الفائدة فيما يتعلق بعلاج العشق راجع فتوانا رقم: 9360, ولا يجوز لك الدعاء بأن تكون لك زوجة ما دامت تحت زوج، سواء كان الدعاء مطلقًا أو معلقًا؛ لأن مقتضى ذلك الدعاء بالتفريق بينها وبين زوجها.
ويبدو أنك لست على يقين من أن زوجها تارك للصلاة, وعلى فرض كونه كذلك فتارك الصلاة لا يكفر في قول جمهور الفقهاء، وانظر الفتوى رقم: 68656, وكذا الحال في الدعاء بأن تكون زوجة لك في الجنة يترتب عليه المحذور المذكور, وكونك لا تتلفظ باسمها في الدعاء مع أنك تنويها لا يسوغ لك هذا الدعاء، فالعبرة بالنية والقصد، روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إنما الأعمال بالنيات".
والله أعلم.