السؤال
كيف يكون المشركون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمنون بوجود الله ولكن لا يؤمنون بالبعث والحساب في نفس الوقت ؟
كيف يكون المشركون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمنون بوجود الله ولكن لا يؤمنون بالبعث والحساب في نفس الوقت ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإيمان بوجود الله تعالى لا يعني الإيمان بقدرته وعلمه ونحو ذلك من صفات كماله وجلاله، وهكذا كان إيمان مشركي العرب، كما قال تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: 106]. فهم وإن أقروا بأن الله تعالى هو خالق الكون إلا إنهم يجهلون صفاته وينكرون كمال قدرته وشمول علمه، فعن ابن مسعود قال: اجتمع عند البيت ثلاثة نفر: قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم: أترون الله يسمع ما نقول؟ وقال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا ! وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا. فأنزل الله عز وجل: (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم .. ) الآية. رواه البخاري ومسلم.
ومن جنس ذلك أنهم كانوا ينكرون قدرة الله على بعثهم بعد موتهم.
قال الدكتور عمر الأشقر في (القيامة الكبرى):يمكننا أن نصنف المكذبين بالبعث والنشور إلى ثلاثة أصناف: ـ الأول: الملاحدة الذين أنكروا وجود الخالق، ومن هؤلاء كثير من الفلاسفة الدهرية الطبائعية، ومنهم الشيوعيون في عصرنا ... . ـ الثاني: الذين يعترفون بوجود الخالق، ولكنهم يكذبون بالبعث والنشور، ومن هؤلاء العرب الذين قال الله فيهم: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [لقمان: 25] وهم القائلون فيما حكاه الله عنهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ - لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [النمل: 67-68] وهؤلاء يدَّعون أنهم يؤمنون بالله، ولكنهم يَدَّعون أن قدرة الله عاجزة عن إحيائهم بعد إماتتهم، وهؤلاء هم الذين ضرب الله لهم الأمثال، وساق لهم الحجج والبراهين لبيان قدرته على البعث والنشور، وأنه لا يعجزه شيء. ومن هؤلاء طائفة من اليهود يُسمون بالصادوقيين، يزعمون أنهم لا يؤمنون إلا بتوراة موسى، وهم يُكذبون بالبعث والنشور والجنة والنار. الثالث: الذين يؤمنون بالمعاد على غير الصفة التي جاءت بها الشرائع السماوية اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 57828.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني