السؤال
عندما كان عمري 16 سنة، ألحدت؛ بسبب ضعف ديني، وبعض الفيديوهات في اليوتيوب. لكن بعد التمعن في خلق الله، وفي الكون والأرض والناس، تيقنت أن من المستحيل ألا يكون هناك خالق. فأصبحت ربوبيا: أؤمن بوجود لله، لكن ليس إله الأديان.
ثم بعدما نضجت، أصبحت أرى أن الكثير من الأحكام في الإسلام هي أحكام مهمة للمجتمع، وأن الدين الإسلامي دين جميل، ومهم للمجتمع؛ فأصبحت مسلما، وتبت.
سؤالي هو: التقيت بصديق في الماضي، كان يعرف أنني كنت ربوبيا. فعندما قلت له إنني أصبحت مسلما، قال لي إنني أشركت، وتوبتي غير مقبولة؛ لأن الله لا يغفر للمشرك، علما أنني لم أكن أعلم بتاتا أن الربوبية أو الإلحاد يعتبران من الشرك بالله، كما أنني كنت طفلا غير ناضج وقد ندمت على ما فعلت. عندما قال لي ذلك أحسست بالبكاء والاكتئاب.
سؤالي: هل ما قاله حقيقي؟ هل حقا مهما فعلت، فمكاني النار؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك التوبة، ونسأل الله -تعالى- أن يغفر لك ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يوفقك، ويشرح صدرك للحق.
وأما ما قاله صديقك، فجهل وقول باطل، لا يمت للحق ولا للحقيقة بصلة. فالتوبة الصادقة مقبولة من صاحبها، سواء أكان مرتدا أو كافرا، أو مشركا أو زنديقا! فالمهم هو تحقيق شرط التوبة، والصدق فيها.
فدعك من هذا الكلام الباطل، وأقبل على الله -تعالى- بتوبة نصوح، واصدق الله -تعالى- في رجوعك إليه، وأتبع سيئاتك بالحسنات.
واستقم على طاعة الله، وأبشر بالخير، وارْج رحمة الله، الذي قال: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، وقال: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68-70}، وقال: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ {الأعراف:153}.
ووصيتنا لك أن تتعاهد إيمانك بالعلم النافع، الذي يعزز اليقين ويثبته في القلب. وتكثير الدعاء والإلحاح على الله -تعالى- أن يشرح صدرك للإيمان. وأن يثبتك عليه، ويزيدك منه.
والله أعلم.