الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دعاء العبد ربه بأن تعود إليه يده التي قد قطعت

السؤال

هل يستطيع الدعاء أن يعيد يدا مقطوعة لصاحبها إذا كان هذا الشخص من أهل الإلحاح والابتهال والبكاء الدائم في الليل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنريد أولا التنبيه إلى أن الفاعل في هذا الكون إنما هو الله، ولا تأثير لشيء من المخلوقات إلا بإرادة الله وتقديره، فمن الخطأ أن نظن أن الدعاء يستطيع شيئا. ولكن الله تعالى إذا استجاب دعاء من دعاه أعطاه ما أراد.

والدعاء من أجلّ القرب وأعظم العبادات، بل هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والإلحاح فيه وفي أوقات السحر لاشك أنه أرجى لإجابته. وقد أخرج البزار والحاكم والطبراني وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. ذكره الألباني في الأحاديث الضعيفة ثم حسنه في صحيح الجامع الصغير.

وعلى من أراد الدعاء أن يلتزم بآدابه ليكون ذلك أرجى لقبول دعائه، وإجابة مسألته، ومن هذه الآداب عدم الاعتداء فيه الذي ورد النهي عنه في قول الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55].
والاعتداء في الدعاء -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى- تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولداً من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله".
ولا شك أن في مقدور الله إعادة اليد المقطوعة، لكن هذا مخالف لسنن الله وما جرت به عادته واقتضته حكمته، ولذلك فإن سؤال الله تعالى إعادتها يعتبر من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه شرعا؛ فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف سننه.
فينبغي لمن أصابه شيء من هذا القبيل أن يحتسب أجره عند الله تعالى، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز وجل عنه حتى الشوكة يشاكها. وفي رواية: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته.
نسأل الله تعالى أن يأجر كل مصاب وأن يعوضه خيرا مما فقده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني