الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أجر فستان زفاف لمن غلب على ظنه التزامها بالشرع فهل يأثم إن ارتكبت حراما

السؤال

أريد أن أفتح متجرا لكراء فساتين الزفاف للعرائس، وتجنبا للإعانة على الإثم (التبرج) فكرت في أن لا أتعامل إلا مع المحجبات اللواتي يكون حفل زفافهن غير مختلط (يغلب الاختلاط على حفلات الزفاف في بلدي) وليس لي من سبيل لمعرفة هل الزفاف مختلط أم لا إلا بسؤال الزبونات، فإذا أجابت الواحدة منهن أنها ستلتزم بضوابط الشرع في حفل زفافها أجّرت لها الفستان وإلاّ فلا.
ما رأيكم ؟ وهل إذا كذبت علي إحداهن أتحمّل وزرا معها ؟ أم الأصل إحسان الظن بالمسلم ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعتبر في تقرر الأحكام هو غلبة الظن كما قال صاحب المراقي:

بغالب الظن يدور المعتبر.

وقال الشاطبي في الاعتصام: الحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام. اهـ.
وجاء في القواعد للمقري قوله:قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن الغالب مساوٍ للمحقق في الحكم، وقد دل على ذلك قوله تعالى في شأن المهاجرات: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ {الممتحنة:10} ـ ومعلوم أنه لا سبيل إلى العلم اليقيني بإيمانهن، وإنما المقصود حصول غلبة الظن بأنهن مؤمنات، وقد سمى الله حصول هذه الغلبة علماً، وفي الصحيح من حديث أم سلمة مرفوعاً: إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض، وفي رواية: ألحن بحجته من بعض، فأحسب أنه صادق فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها، أو يذرها ـ متفق عليه، فقوله: فأحسب أنه صادق ـ دليل على العمل بالظن الغالب. اهـ.
وبالتالي، فينبني المنع أو الجواز على غلبة الظن، فإن غلب على ظنك أن من تستأجر منك تلك الفساتين ستسخدمها في التبرج بها فلا يجوز لك التأجير لها وإعانتها على ما تريد، وإن صرحت بضده، وإن غلب على ظنك أنها لن تتبرج به فلا بأس، ولو استخدمته في التبرج فعليها الإثم وحدها ولا يلحقك إثم بسبب ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني