الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مبلغ التأمين المبني على وصف خطإ لآثار الحادث

السؤال

تعرضت لحادث دهس أدى إلى إصابتي بكسر في ساقي وتقطع بأربطة ركبتي، وتشوه في كفي، وآثار للجروح بوجهي، تعهد المتسبب وعائلته بدفع تكاليف العلاج حتى الشفاء، ولكن بعد خروجي من المستشفى وإخلاء سبيل السائق من السجن لم يعد يدفع لي نفقات العلاج أبدا، فقد احتجت لعملية بعد ذلك بقيمة تزيد عن 5 آلاف دينار حصلت عليها خلال الدين من الناس، بعد ذلك جاء شخص من معرفة بعيدة يعمل طبيبا شرعيا وقال لي أنا سآتي لك بمحام ليتحصل لك على حقوقك وتعويضك من التأمين مقابل حصوله على 25%من كل مبلغ يتحصل عليه. اكتشفت لاحقا أن هذا المحامي احتال علي حيث إنه بعد انتهاء القضية سألت أكثر من محام عن الشق الثاني منها لإكمال القضية والحصول على تعويض من السائق بعد أن استلمت تعويضي من شركة التأمين، وأخبروني أنه أصلا القضية الأولى ليست بحاجة لمحامي، وأنه في أكثر الأحوال يحصل المحامي على نسبة 10-15 % وجل ما قام به أنه أخذ المال ثم جاء به حيث بعد توكيلي لهذا المحامي سار لي بإجرات وعرضني على اللجان الطبية وحصلت على نسبة عجز 80 % والمشكلة تبدأ من هنا أن تقرير اللجنة الطبية مليء بالأخطاء من وصف والدتي الخاطئ لهم، وهناك تقارير استلمتها من أطباء لكن تشخيصهم لحالتي كان خاطئا فمثلا مكتوب بالتقرير أني أعاني من قطع بالعصب، ولكن العصب كان مضغوطا، ومكتوب أنني أعاني من عتامة في القرنية، ولكن الحقيقة أني أعاني من خدوش فيها فقط بسبب الزجاج المكسور دون أي أثر يذكر على مستوى النظر، مكتوب أني أعاني من كسر في الفك وأنا أعاني من شرخ به والتئم وهو شافي، ومكتوب أنني أعاني من ارتجاج بالدماغ وهذا غير صحيح، وهناك بعض الإصابات وصفها كان صحيحا، وإذا كان هناك شيء خطئا وغير صحيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك اعتماد التقرير المتضمن أوصافا غير حقيقية وتقديمه لجهة التأمين، وما أخذته زائدا عما تستحقه يلزمك رده إلى الشركة إذ لا حق لك فيه وقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}. وقال : وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {النساء:161}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود، وصححه السيوطي.
وبناء عليه فالواجب عليك الآن هو التوبة من هذه الذنوب والآثام والندم والاستغفار، كما يجب عليك رد ما زاد عما تستحقه إلى جهة التأمين.

وأما المحامي فيستحق الأجرة المتفق عليها على القول بجواز جعل الأجرة نسبة مما يحصل من العمل.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: المساقاة والمزارعة والمضاربة ونحوهن من المشاركات على ما يحصل ، من قال: هي إجارة بالمعنى العام فقد صدق، ومن قال : هي إجارة بالمعنى الخاص فقد أخطأ، وإذا كانت إجارة بالمعنى العام التي هي الجعالة فهنالك إن كان العوض شيئاً مضموناً من دين أو عين فلا بد أن يكون معلوماً، وإن كان العوض مما يحصل من العمل جاز أن يكون جزءاً شائعاً؛ كما لو قال الأمير في الغزو : من دلنا على حصن كذا فله منه كذا . انتهى.

لكنه يستحق تلك النسبة من المبلغ الحقيقي المستحق على جهة التأمين لا ما أخذ منها زورا وباطلا، فلو كنت أخذت من جهة التأمين مائة ألف مثلا وأعطيت المحامي ربعها(25000) ثم ظهر لك أن ما تستحقه هو خمسون ألفا فقط ورددت إلي جهة التأمين خمسين ألفا فالذي يستحقه المحامي هو ربع الخمسين المستحقة وهو (12500) ولك الرجوع عليه بما أعطيته زائدا عنها. ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى أرقام: 6566، 70079، 106578.

وأما مسألة دعوى الغبن في الإجارة فإن ثبت صحة ذلك وكون الغبن فاحشا وهو قد أتم العمل فيستحق أجرة مثله فحسب كما بينا في الفتوى رقم: 71813 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني