الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسدد ديون الميت قبل قسمة تركته

السؤال

فضيلة الشيخ أنا وكيل على ورثة والدي، وقد مات والدي رحمه الله وترك خلفه البيت وغيره من الأموال، وهذا البيت لا زال مرهوناً للبنك العقاري، ولا ينفك هذا الرهن إلا بالتسديد أو وفاة صاحب القرض إذا كان تسديده منتظماً، أما إذا كان تسديده غير منتظم فقد يُسقطونه وقد لا يُسقطونه بحسب القرارات السامية من الحكومة، وبما أن الوالد رحمه الله لم يكن منتظماً في السداد فهل يجوز لي تحريك بعض الواسطات والشفاعات بإسقاط هذا القرض، وأنا أستطيع فعل ذلك إن شاء الله، علماً بأن كثيرا من الناس عندنا يفعلون ذلك وهم مقتدرون من ناحية كثرة الأموال عندهم، وقد قال لي بعض الإخوة إن القرض أصلاً هو حق للمواطن، بل يجب أن يكون هبة أصلاً، فالدولة غنية ولا تحتاج لسداد القروض التي في ذمتنا، وأن ثروة البلد لا تُقسم بالعدل وفيها سرقات ونحو ذلك من الكلام.
والسؤال الآخر: في حالة اعتراض الورثة على التسديد ومطالبتهم بإسقاط القرض فهل يجوز أن أقوم بتسديد نصيبي من ميراث هذا القرض ودفع باقي المبلغ لهم وأذكر لهم فتواكم وأكلهم إلى أنفسهم، علماً بأنني إن لم أفعل ذلك فقد تؤخذ الوكالة مني وتقع في يد آخر قد لا يتقي الله فيما يأخذ ويعطي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الشفاعة لإسقاط القرض وتبرئة ذمة الميت منه فلا حرج فيه بل هو من الشفاعة الحسنة، ولولم يكن الميت منتظما في السداد قبل موته. شريطة أن يكون من يسقط الدين مخولا وله الحق في إعفاء المدين من المديونية، وانظر الفتوى رقم: 130905.

وأما إذا لم يسقط البنك دينه وكان حالا فيلزم حينئذ سداده إليه قبل قسمة التركة كما قال تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}. فنص الله تعالى على تقديم إخراج ديون الميت على قسمة التركة بين الورثة، وفي الحديث: نفس المؤمن معلقه بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي. قال العراقي : أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا . انتهى. وقال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. انتهى.

ولو أن دينه استغرق كل ما ترك، فكل ما ترك يقضى به دينه ؛ لأن الله تعالى لم يجعل للوارث حقا في الميراث إلا فيما بقي بعد الدين. وانظر الفتوى رقم: 125754.

وأما لو كان الدين مؤجلا أومقسطا على أقساط فقد بينا كيفية تعامل الورثة معه، وهل يحل بالوفاة أم لا؟ وهل للورثة قسمة التركة لو تحملوا بسداده في الفتوى رقم: 128435.

وعليه، فإذا كان أمر التركة موكلا إليك فلا يجوز لك قسمة التركة قبل قضاء ذلك الدين أوإسقاطه عن الميت من قبل البنك، ولو رأيت أن الورثة يغلبونك على أمرك دون مراعاة ما بيناه سابقا حول ذلك الدين، فيمكنك رفع المسألة للقضاء لإلزام الورثة بسداد دين الميت أوتحمله عنه، وهذا مما يقتضيه برك بأبيك، فلا تطع الورثة في عدم سداد الدين ولو كانت الوكالة ستنتقل إلى غيرك بسبب ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني