الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في استغلال الموظف في غير عمله الرسمي

السؤال

أعمل موظفا بإحدى الهيئات خارج بلدي حيث ينص العقد على العمل 8 ساعات يوميا وواجبات محددة، ولكن نظراً لطبيعة العمل ومتطلبات الوظيفة فإن العمل الفعلي لا يتعدى 4-6 ساعات يوميا خلال 4-5 شهور، أما باقي العام فالدوام لمجرد الحضور والانصراف وتقضية وقت الدوام داخل الجدران حيث إن العمل موسمي ولا يتطلب أكثر من ذلك، وهذا هو المتبع في جميع المؤسسات من نفس الدرجة التي تعمل في نفس المجال على مستوى الدولة بل ربما العالم.
وسؤالي أن رئيسي في العمل يقوم بتكليفي بأمور لا علاقة لها بوظيفتي أو متطلباتها وواجباتها من قريب أو بعيد، سواء شخصية أو تخدم المؤسسة، وأغلبها شخصية، وذلك يؤدي إلى تقصيري في واجبات عملي الأساسي وهو يعلم ذلك علم اليقين، كما أنه يكلفني بعدد ساعات عمل تصل في معظم أيام السنة من 14 إلى 16 ساعة يوميا بما فيها أيام الإجازات. وكل ذلك بنفس الراتب الأساسي الذي أتقاضاه مثل زملائي لا يزيد عنهم في شيء.
أولاً : هل يكون هناك شبهة في راتبي حيث إني لا أقوم بواجبات وظيفتي الأساسية على النحو المطلوب؟
ثانياً : من بعض هذه الأعمال غير واجبات الوظيفة أن يكلفني رئيسي بأعمال مثل المقاولات فأقوم بالتفاوض وترسية العطاء والإشراف على التنفيذ وغير ذلك . ويعلم الله أني أقوم بهذه الأعمال وأراعي الله فيها، كما لو أنه يصرف عليها من مالي الخاص فأتفق على أفضل الأسعار والمواصفات في كل تفاصيل العمل وبفضل الله لا يمكن لغيري في البلد وليس في المؤسسة فحسب أن يأتي بأفضل مما أتيت به وهو يعلم ذلك أيضا علم اليقين، فهو لا يأتمن أحدا ويظل يسأل عن الأسعار حتى خارج المحافظة ويحاول إيجاد الثغرات في العمل ولكن بفضل الله لا يجد شيئا.
والسؤال: أنه نظير مشاركتي مع العمال والقائمين على العمل في كل تفاصيله يقوم المقاول بتخصيص مبلغ من المال لي وذلك ليس له علاقة بالأسعار أو ترسية العطاء عليه أو غير ذلك وإنما نظير عملي معه. وبالطبع لا علاقة لذلك بالدوام الرسمي فكل هذه الأعمال أصلا لا علاقة لها بدوامي. فهل في ذلك شبهة؟
أفيدوني يرحمكم الله.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيمكن إجمال الجواب عن سؤالك في النقاط التالية :

1 -يلزم الموظف الحضور والبقاء مدة الدوام المتفق عليه، سواء كان لديه عمل أو لا ؛ لأن الوظيفة أو عقد الإجارة متضمن لهذا. فالموظف أجير خاص، والأجير الخاص هو من قُدّر نفعه بالزمن فيلزمه تفريغ هذا الزمن للعمل فقط، وإذا فعل ذلك ومكن مستأجره من منافعه استحق الأجرة كاملة ولو لم يسند إليه عمل يؤديه.

قال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق: الخاص يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية:....وإذا استوفى المستأجر المنافع، أو مضت المدة، ولا حاجز له عن الانتفاع، استقر الأجر، لأنه قبض المعقود عليه، فاستقر البدل. اهـ.

2-استغلال المدير لك في عمل غير عملك الرسمي لا يلزمك قبوله سواء خارج وقت الدوام أو أثناءه، بل لو كان يطلب منك عملا خاصا به غير مأذون له من قبل جهة العمل ويؤدي إلى الإخلال بعملك الرسمي فلا يجوز لك طاعته فيه والتعاون معه عليه، لأنه من التعاون على الإثم المحرم، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

3- استخدام الموظف في غير ما تم التعاقد معه عليه بينا حكمه في الفتوى رقم: 95721

4- ليس لك أخذ أجرة من المقاول ما لم يأذن لك صاحب العمل في ذلك، لأن المقاول ما أعطاها لك إلا طمعا في محاباتك له والتأثير عليك، ولسد هذا الباب فقد منع الشرع هدايا العمال مطلقا، ولا سيما ما غلبت فيه مظنة الطمع في التأثير على المحاباة، وكون الهدية لأجل العمل والوظيفة لا لشخص الموظف ذاته، وقد نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلا أهدى له فخذ جزور، ثم أتاه بعد مدة معه خصمه فقال : يا أمير المؤمنين اقض لي قضاء فصلا كما يفصل الفخذ من الجزور ؟ فضرب عمر بيده على فخذه وقال : الله أكبر، اكتبوا إلى الآفاق : هدايا العمال غلول.

لكن لو أذن لك صاحب العمل (جهة عملك) في أخذ ما يدفعه إليك المقاول فلا حرج عليك لانتفاء التهمة حينئذ.

5- من حقك أن تطلب أجرة على العمل الذي تؤديه خارج وقت دوامك الرسمي .

6-لا حرج عليك في الانتفاع براتبك ما دمت تؤدي العمل الموكل إليك على أتم وجه وتحضر إلى العمل في وقت الدوام الرسمي حتى ينتهي الوقت المتفق عليه في العقد ولو لم يوكل إليك أثناءه عمل، لما بيناه سابقا من استحقاق الأجير الخاص للأجرة بمجرد التمكين.

وأما تقصيرك في العمل فإن كان عن إذن ممن له الإذن بأن كان المدير شغلك بعمله الخاص وهو مخول بذلك فلا حرج عليك في ذلك وراتبك حلال لك، وأما لو لم يكن المدير مخولا بذلك التصرف وتركت عملك الرسمي لأجل عمل المدير فقد بينا حكم عمل الأجير الخاص عند غير مستأجره في وما ذا يترتب على ذلك في الفتوى رقم: 30058

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني