السؤال
قاعدة: أن الله سبحانه وتعالى مستحق للكمال منزه عن النقص ـ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذه قاعدة متفق عليها بين سائر طوائف المسلمين، لا أحد ينازع في كون الباري سبحانه مستحقاً للكمال منزهاً عن النقص، وإنما اختلف المسلمون في تحقيق مناطها، أي: في تفسير الكمال: هل هو بإثبات الصفات أم بنفي الصفات كما ذهبت الجهمية والمعتزلة وكثير من الطوائف الكلامية، أم بإثبات بعض الصفات ونفي بعضها، أم بالتفويض؟ فما هو التفسير الحقيقي للكمال؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا هو موضوع الرسالة الأكملية لشيخ الإسلام ابن تيمية، والتي بناها على مقدمتين:
ـ إحداهما: أن الكمال ثابت لله، بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية، بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب تعالى، يستحقه بنفسه المقدسة، وثبوت ذلك مستلزم نفي نقيضه.
ـ والثانية: أنه لا بد من اعتبار أمرين، أحدهما: أن يكون الكمال ممكن الوجود.
والثاني: أن يكون سليما عن النقص، فإن النقص ممتنع على الله، لكن بعض الناس قد يسمي ما ليس بنقص نقصا، فهذا يقال له: إنما الواجب إثبات ما أمكن ثبوته من الكمال السليم عن النقص، فإذا سميت أنت هذا نقصا وقدِّر أن انتفاءه يمتنع لم يكن نقصه من الكمال الممكن، ولم يكن هذا عند من سماه نقصا من النقص الممكن انتفاؤه. اهـ.
ولتفصيل ذلك يمكن الرجوع لهذه اللرسالة، وهي ضمن المجلد السادس من مجموع الفتاوى، وللاستزادة في هذا الموضع يمكن الرجوع إلى رسالة: حقيقة المثل الأعلى ـ للدكتورعيسى بن عبد الله السّعدي، ومما قال فيها: ثبوت المثل الأعلى يعني ثبوت الكمال المطلق لله تعالى، وهو عبارة عن جميع صفات الكمال الوجودية المحضة التي لا تستلزم نقصاً ولا تشعر به بوجه من الوجوه، وثبوت هذه الصفات لله تعالى هو مقتضى الفطرة والعقل والنقل. اهـ.
والله أعلم.