السؤال
أريد تفسير قوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به).
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126].
قال الشوكاني رحمه الله في (فتح القدير) عند كلامه على هذه الآية: (وإن عاقبتم) أي أردتم المعاقبة (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) أي بمثل ما فعل بكم لا تجاوزوا ذلك.
قال ابن جرير: أنزلت هذه الآية فيمن أصيب بظلامة أن لا ينال من ظالمه -إذا تمكن- إلا مثل ظلامته لا يتعداها إلى غيرها، وهذا صواب، لأن الآية -وإن قيل إن لها سبباً خاصاً كما سيأتي- فالاعتبار بعموم اللفظ، وعمومه يؤدي هذا المعنى الذي ذكره، وسمى -سبحانه- الفعل الأول الذي هو فعل البادي بالشر عقوبة، مع أن العقوبة ليست إلا فعل الثاني -وهو المجازي- للمشاكلة، وهي باب معروف وقع في كثير من الكتاب العزيز.
ثم حث سبحانه على العفو، فقال: (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل:126] أي: لئن صبرتم عن المعاقبة بالمثل، فالصبر خير لكم من الانتصاف، ووضع الصابرين موضع الضمير ثناء من الله عليهم بأنهم صابرون على الشدائد، وقد ذهب الجمهور إلى أن هذه الآية محكمة، لأنها واردة في الصبر عن المعاقبة، والثناء على الصابرين على العموم، وقيل هي منسوخة بآية القتال، ولا وجه لذلك. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني