السؤال
انتظرت كثيرا حتى رزقني الله بزوج صالح ذي خلق ودين، لكن قدر الله وما شاء فعل، توفي قبل الزفاف ببضعة أيام ـ مع العلم أنه تم العقد بكل شروطه الشرعية ـ كانت الصدمة شديدة، رددت في قلبي إنا لله وَإنّا إليه راجعون، بكيت قليلا، وتقربت أكثر إلى الله، لكن شعوري بالحزن الشديد والتألم لفراقه مازال يلازمني فوقتي أقضيه في العبادة، أو في تخيل قصص لحياتنا الزوجية التي كنت سأعيشها معه. فهل حالتي هذه تحرمني من أن أنال أجر الصابرين؟ أرجو أن تجيبوني في أقرب الأوقات، فأنا بأمس الحاجة للتواصل معكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فالواجب على العبد الصبر على قضاء الله والتسليم لأمره، وليس الحزن على فراق المحبوب مما ينافي الصبر ما دام لا يحمل على قول، أو فعل مخالف للشرع، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا ـ وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ـ أَوْ يَرْحَمُ. متفق عليه.
لكن لا بد أن تكوني على يقين بأن قدر الله كله رحمة وحكمة، فهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالحنا وأرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا.
قال ابن القيم: والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا.
واعلمي أن عاقبة الصبر خير عظيم، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَقَالَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ـ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا. رواه مالك في الموطأ.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 108164.
والله أعلم.