الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإجارة على نصف ما تنتج البقرة

السؤال

أعطاني رجل بقرة أعمل على خدمتها، ولي نصف ما ينتج من أولادها، ويبقى الأصل أي البقرة للمالك، ليس لي فيها شيء. ما حكم ذلك مع الأدلة إن وجدت؟ جزيتم خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا العقد عقد إجارة، ولا يجوز فيه كون الأجرة بعض نتاج البقرة نصفا أو ربعا ونحو ذلك؛ لما فيه من الغرر والجهالة. وحقيقة الغرر كما قال ابن عرفة: ما شك في حصول عوضيه أو المقصود منه غالبا. والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الغرر كما في صحيح مسلم، وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.

والبقرة قد لا تنتج، وإن أنتجت فمتى؟ وماذا ستنتج، بل قد تموت قبل أن تنتج. فهي جهالة وغرر لا يجوز إجراء العقد وفقه، بل لا بد من تحديد أجرة معلومة لتلك الخدمة. قال ابن العربي في تفسيره : الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : الْإِجَارَة بِالْعِوَضِ الْمَجْهُولِ ، فَإِنَّ وِلَادَةَ الْغَنَمِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ ، وَإِنَّ مِنْ الْبِلَادِ الْخِصْبَةِ مَا يُعْلَمُ وِلَادَةُ الْغَنَمِ فِيهَا قَطْعًا ، وَعِدَّتُهَا ، وَسَلَامَةُ سِخَالِهَا ؛ مِنْهَا دِيَارُ مِصْرَ وَغَيْرُهَا ، بَيْدَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي شَرْعِنَا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ الْغَرَرِ } ، وَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا فِي بِلَادِ الْخِصْبِ لَيْسَ بِغَرَرٍ ، لِاطِّرَادِ ذَلِكَ فِي الْعَادَةِ ، فَيُقَالُ لَهُ : لَيْسَ كَمَا ظَنَنْت ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نَهَى عَنْ الْغَرَرِ نَهَى عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ . وَالْمَضَامِينُ : مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ وَالْمَلَاقِيحُ : مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ. انتهى

وعلى فرض حصول العقد كما ذكرت فهو فاسد يجب فسخه، ويكون لك أجرة مثلك فيما مضى. قال النفراوي في الفواكه الدواني: إذا وقع العقد ملتبسا بغرر وحكمه الفسخ قبل الفوات، فإن ...استوفيت المنافع في الإجارة والكراء فالواجب ... في المنافع أجرة أو كراء المثل. انتهى منه باختصار يسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني