الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من تلفظ بلفظ من ألفاظ كنايات الطلاق وهو متردد

السؤال

قلت لامرأتي مرات عديدة: اذهبي إلى بيت أبيك ـ وفي نيتي الطلاق وأعلم أن هذا اللفظ كناية طلاق وأعلم أنه إن صاحبته نية يقع وكنت أقرأ في الفقه كثيرا، ولكنني كنت أفهم النية خطأ واعتقدت أن مجرد النية العادية لا توقع الطلاق وأن النية المعتبرة أن أقول اللفظ ـ الكناية ـ وتكون نيتي أن أوقع الطلاق في الحال، أما حالي أنا فكنت أقول اذهبي إلى بيت أبيك مع قصدي الطلاق، لأنني متضايق منها، ولكن لم أقصد الطلاق في الحال، لأنني متردد، أو خائف من أبي وأريدها أن تطلب هي الطلاق أي أقول ذلك لإعلامها أنني غير راغب فيها وكنت أراعي أن لا أنطق بألفاظ صحيحة حتى أعطي نفسي فرصة، لأنها ربما تكون حاملا، أو أعود في رأيي وبالفعل عدلت عن رأيي، فهل وقع الطلاق باللفظ السابق؟ وكم مرة؟ وإذا كان ما قلته تحت تأتير أنني كنت موسوسا في مسألة سابقة عن الوعد بالطلاق وسألت مشايخ ثقة ومعظمهم أفتوني أنه لا يقع إلا أنني وقعت تحت تأثير الوساوس الشديدة وأنني ربما لم أوضح لهم جيدا وهكذا حتى تعبت وأردت التخلص منها وأشعر أن هذه الوسوسة سبب مساعد فيما قلته بخصوص الكناية وليست السبب الوحيد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فكناية الطلاق: هي كل لفظ يدل على الفرقة وليس صريحا فيها ـ ولا يقع بها الطلاق إلا مع النية، قال ابن قدامة في المغني: والكناية لا يقع بها الطلاق حتى ينويه، أو يأتي بما يقوم مقام نيته. انتهى.

وعبارة: اذهبي إلى بيت أبيك ـ من كنايات الطلاق فيقع بها إذا صحبتها النية، لكن يشترط في هذه النية أن تكون جازمة خالية من التردد ومقارنة للكناية، جاء في الموسوعة الفقهية: وَالنِّيَّةُ هِيَ: الإْرَادَةُ الْجَازِمَةُ الْقَاطِعَةُ، وَلَيْسَتْ مُطْلَقُ إِرَادَةٍ، فَيُخِل بِهَا كُل مَا يُنَافِي الْجَزْمَ، مِنْ تَرَدُّدٍ، أَوْ تَعْلِيقٍ. انتهى.

وجاء في المغني: ومعنى النية القصد وهو اعتقاد القلب فعل شيء وعزمه عليه من غير تردد. انتهى.

وراجع للمزيد الفتوى رقم: 126626.

وبناء على ما سبق، فإن كنت لم تنو إيقاع الطلاق جازما، بل تشعر بالتردد ولا ترغب في إيقاع الطلاق خوفا من أبيك، أو ترغب أن تكون الزوجة هي التي تريد الطلاق، أو تنوي طلاقها في المستقبل وليس الآن، ونحو ذلك، فلا يلزمك شيء في جميع الحالات التي نطقت فيها بعبارة: اذهبي إلي بيت أبيك ـ وأنت لا تنوي جزما إيقاع الطلاق في الحال. وبالتالي، فزوجتك باقية في عصمتك كما كانت.

وبخصوص طلاق الموسوس فإنه لايقع ولو نطق بلفظه صريحاً ما لم يقصده قصداً حقيقياً في حال طمأنينة واستقرار بال، وذلك لأنه مغلوب على أمره في غالب أحواله، فهو في حكم المكره، أما إن نطق بالطلاق مريداً مختاراً فطلاقه نافذ، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 150585.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني