الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تجب الصدقة ولا غيرها من الطاعات بمجرد الهواجس

السؤال

جزاكم الله خيرا, رزقكم الله الصدق والإخلاص لما تقدمونه من خدمة للمسلمين.
سؤالي عن شرح حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل. حيث إني دائما -ولا حول ولا قوة إلا بالله- أشق على نفسي بأني يجب أن أقوم بالسنن وبما هو مستحب, فدائما أفكر بأني يجب أن أفعلها, كصلاة النوافل, صدقة, مساعدة بعون الله لآخرين. فأشعر بضيق، وعندما أقول لنفسي لن أقوم بهذا, فأفكر فى ثواب هذه الأعمال, ومع مجاهدتى لها أجد نفسي قد وقعت فى خطأ وكفر فأقول يجب أن أقوم بهذه الأعمال حتى لا أكون قد عملت بما يصادق ما حدثت به نفسي من الضيق والعناد، وعدم الرغبة في القيام بهذه الاعمال قلت لنفسي إن جاءت بعقلك قول سمعنا وأطعنا وحتى وإن لم تفعلها لكن على الأقل تقلل من الضيق والغضب والمجاهدة لأن أقوم بهذه الأعمال فبفضل الله أبتعد عن الكفر الذي أقع فيه، لشعورى بالضيق والعناد بأني لن أقوم بها فحدث لي وأنا أصلي بفضل الله أن جاء بعقلي أني يجب أن أتصدق إن شاء الله بما سأحصل عليه من جمعية مشترك بها وقدرها عشرة آلاف جنيه, فقلت لنفسي قل سمعنا وأطعنا, فقلت لا, لن أقول، لاحقتها فكرة أني يجب أن أصلي سنن الفريضة التي أصليها كي أحتفظ بالمال, فقلت بضيق لن أصلي السنن، بعدها فكرت أن أصلي فوجدت أني سأصلي بنية الحفاظ على المال, فشعرت أن هذا به شرك، فلم أصل، استغفرت الله وجددت شهادتي لما فعلته.
فسؤالي: ما حكم ما فعلته؟ مع العلم بأن رفضي أن أقول سمعنا وأطعنا لم تكم مجرد وسوسة لكني كنت بالفعل لا أريد أن أخرج هذا المال, فالأمر كان من داخلي. فهل وقعت فى الكفر ؟ هل يجب إخراج هذا المال حتى ينطبق علي حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل. لأني إن لم أخرج هذا المالأكون قد عَمِلت ما يصادق ما حدثت به نفسي، وماذا لو أني قد نطقت. فهل يجب علي إخراج هذا المال ؟ جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأنت أيها الأخ الكريم مبتلى بالوسوسة نسأل الله لك العافية، والذي ننصحك به هو أن تعرض عن هذه الوساوس ولا تلتفت إلى شيء منها، فكل ما تظنه من الكفر أو الشرك هو مجرد أوهام يلقيها الشيطان في قلبك لينغص عليك حياتك، واعلم أن ما يعرض لك من الخواطر بفعل الطاعات لا يلزمك تنفيذه ولا الوفاء به، فلا تجب عليك الصلاة ولا الصدقة ولا غيرها من الطاعات بمجرد النية فضلا عن مجرد الخواطر والهواجس، وانظر الفتوى رقم: 130505 ومجاهدة النفس في فعل هذه الطاعات أمر حسن، ولكن إذا غلبت الإنسان نفسه فترك فعل ما هو مستحب لم يكن كافرا بذلك بل ولا يكون آثما، وإنما يأثم إذا غلبته نفسه فحملته على ترك الواجب أو فعل المحرم، ولا يكون بمجرد فعل هذه المعصية كافرا، فاتق الله أيها الأخ ولا تفتح على نفسك هذه الأبواب من الشر وأعرض عن هذه الوساوس واطرحها عنك، ولا حرج عليك أن تمسك هذا المال الذي وقع في نفسك أن تتصدق به، ولا يلزمك أن تصلي عوض ذلك شيئا من الركعات، ولو صليت لم يكن ذلك شركا بل هو فعل حسن وطاعة تتقرب بها إلى الله، ولا يلزمك أن تقول سمعنا وأطعنا كلما عرض لك ما لا تريد فعله من تلك الخواطر، ولا تكون كافرا بامتناعك عن فعل ما نويت فعله، وأما الحديث المذكور فمعناه أن الله تعالى لرحمته بعباده تجاوز لهم عما يقع في أنفسهم من حديث النفس فلم يؤاخذهم به ولم يعاقبهم عليه، فإن هذه الخواطر لا سبيل إلى دفعها، وإنما يؤاخذ الإنسان بما يتكلم به أو تعمله جوارحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني