السؤال
سائلة: أرجو منكم إفادتي، علما بأن أخي توفي منذ عام، وهو يبلغ من العمر 38 عاما، ولم يكن يعاني من أي مرض، وتوفي في فراشه بعد ما قضى يوما بين أخويه وعائلته، ولم يكن يعرف أن فراش موته في انتظاره، وتوفي وأنا خارج البلاد، وعند رجوعي سمعت بأنه أثناء وفاته كانت ملامح وجهه غاضبة جدا، وأن منطقة صدره زرقاء اللون وظهره أيضا. فبحثت كثيرا بين أصدقائه عن سبب وفاته، فلم أجد دليلا إلى أن تعبت حزنا وألما على وفاته، وعلى غضبه، وعند بحثي أبلغني ابنه الصغير أن أخي تشاجر مع جار لنا وضرب هذا الجار ضربا عنيفا من أجل أن هذا الجار تطاول على ابن أخي بالألفاظ. وعند طرح أسئلتي على إخوتي أكدوا لي ما حصل، وقالوا إن جارنا إنسان غلبان جدا، لكن الابن نقل لأخي الصورة غلطا مما جعل أخي غاضبا جدا، وقام بضرب هذا الشاب. ولكن سؤالي سيدي: أنا لا أعرف هذا الشاب، وأيضا هو غادر منزلنا منذ هذه الحكاية، وأخاف على أخي من عذاب قبره ولقاء ربه، إذا كان ضربه لهذا الشخص فيه ظلم وتعسف من أخي عليه. فماذا أفعل حتى أرتاح ويهدأ بالي، ويرتاح أخي في قبره، حيث إن وفاة أخي حصلت بعد تصادمه مع هذا الشاب بيومين. فأرجوك أفدني وأفتني في أمرى حتى يرتاح أخي في قبره وأرتاح أنا أيضا. وشكرا لكم على جهودكم حيث إنني من أشد المعجبين بموقعكم الوقور.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله الرحمة والغفران لأخيكم وأن يحسن عزاءكم فيه. ثم إنه لا يلزم أن يكون لموته علاقة بما ذكر. فكم رأينا رجلا صحيح البدن ثم يموت فجأة من غير علة، قال الشاعر :
وكم من سليم مات من غير علة * وكم من مريض عاش حينا من الدهر
وقال الآخر :
قد يموت الجبان في آخر الصف * وينجو مقارع الأبطال .
وأما عن ظلمه للجار إن ثبت فيحسن أن تبحثوا عن الجار لتستسمحوه وتطلبوا منه العفو عن أخيكم، وقد جعل الله تعالى الاطلاع على عناوين الناس مسهلا في هذه الأيام، فمن كان عنده هاتف يسهل وجوده بالبحث عن رقم هاتفه والاتصال به. فإن أمكنكم العثور عليه وطلبه السماح تحقق ما تريدون، وإن لم يمكنكم وجوده، فإن الحق إن لم يعف صاحبه سيأخذه من حسنات الظالم في الآخرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
وهذا الحديث يدل على أن من لم يتحلل من ظلم أخيه فإنه يبقى عليه إلى يوم القيامة ليستوفي المظلوم من حسناته.
وفي هذه الحالة ننصحكم بإكثار الاستغفار والتصدق عن ميتكم والحج والاعتمار عنه إن أمكن ليكون عنده من الحسنات ما يقضي منه الحقوق ويبقى له شيء.
والله أعلم.