السؤال
أنا شاب ملتزم ـ ولله الحمد ـ وقد كنت قبل التزامي عاقا لأبي لقلة التفاهم بيننا، ومنذ أن التزمت وأنا أحاول إرضاءه وبره ـ ولله الحمد ـ ولكنه إذا غضب شتمني وذكرني بعقوقي في مرحلة المراهقة حتى أصابني اليأس والغم وأصبحت أتساءل من كثرة تأنيبه هل توبتي مقبولة وصحيحة؟ وقد علمت أن العقوق يعاقب عليه في الدنيا قبل الآخرة، فهل علي شيء، أو عقوبة؟ فأنا أبذل ما في وسعي وقد تبت منذ مدة، فأرجو أن تفيدوني فإني في حالة شديدة من الهم والضيق فرج الله عنكم كل ضيق.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت قد تبت إلى الله تعالى فنسأل الله أن يتقبل توبتك ويقيل عثرتك، والتائب من ذنبه الصادق في توبته يعفو الله تعالى عنه ويعود من ذنبه كمن لم يفعله، كما قال صلوات الله وسلامه عليه: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أخرجه ابن ماجه.
فقر عينا وطب نفسا واعلم أن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء وأن رحمته سبقت غضبه وأحسن ظنك به تعالى ولا تهتم لما ذكرته، بل أقبل على ربك واجتهد في طاعته وابذل ما في وسعك في بر أبيك ابتغاء مرضات الله تعالى، ولا يجوز لأبيك أن يعيرك بذنب قد تبت إلى الله تعالى منه، فإن فعل فاصبر عليه واحذر من إغضابه وذكره بلين ورفق وبين له أنك قد تبت إلى الله تعالى وأنه لا يجوز له تعييرك بذلك وأنك تخشى عليه الإثم إن هو لم ينته عن ذلك، قال المباركفوري ـ رحمه الله ـ في تحفة الأحوذي: ذكر الذنب لمجرد التعيير قبيح يوجب العقوبة. انتهى. فإن لم ينته أبوك عن تعييرك بهذا الذنب فلا يضرك ما يفعله، بل استمر أنت على طاعته وبره والإحسان إليه وتجنب سخطه ما أمكن.
والله أعلم.