الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (..فقالوا إنكم أنت الظالمون)

السؤال

في سورة الأنبياء: فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ـ من هم الذين قالوا هذا؟ وما معنى: إنكم أنتم الظالمون؟ وهل يشمتون بأنفسهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المراد بالظالمين هو الكفار المنتصرون للأصنام، واختلف في ظلمهم، فقيل إنهم حملوا أنفسهم الظلم في تركهم أصنامهم مهملة لا حافظ لها، كما جاء في تفسير ابن كثير: فرجعوا إلى أنفسهم ـ أي: بالملامة في عدم احترازهم وحراستهم لآلهتهم، فقالوا: إنكم أنتم الظالمون ـ أي: في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها.هـ.

وذهب جمع من المفسرين إلى أن ظلمهم هو عبادتهم الباطلة للأصنام التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر واتهامهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما جاء في التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: فرجعوا إلى أنفسهم ـ أي رجعوا إليها بالفكرة والنظر، أو رجعوا إليها بالملامة: فقالوا إنكم أنتم الظالمون ـ أي الظالمون لأنفسكم في عبادتكم ما لا ينطق ولا يقدر على شيء، أو الظالمون لإبراهيم في قولكم عنه: إنه لمن الظالمين ـ وفي تعنيفه على أعين الناس: ثم نكسوا على رءوسهم ـ استعارة لانقلابهم برجوعهم عن الاعتراف بالحق إلى الباطل والمعاندة فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ـ أي فكيف تأمرنا بسؤالهم؟ فهم قد اعترفوا بأنهم لا ينطقون، وهم مع ذلك يعبدونهم، فهذه غاية الضلال في فعلهم، وغاية المكابرة والمعاندة في جدالهم، ويحتمل أن يكون: نكسوا على رؤوسهم ـ بمعنى رجوعهم من المجادلة إلى الانقطاع، فإن قولهم ـ لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ـ اعتراف يلزم منه أنهم مغلوبون بالحجة، ويحتمل على هذا أن يكون نكسوا على رؤوسهم حقيقة: أي أطرقوا من الخجل لما قامت عليهم الحجة. هـ.

وقد تابع ابن جزي على هذا كل من القرطبي وأبي حيان وأبي السعود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني