الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

توفي زوجي ـ رحمة الله عليه ـ بعد إجراء عملية استئصال ورم بالبنكرياس، حيث حدث له نزيف داخلي وأنني قد رأيت النزيف الداخلي لزوجي في إحدى الدرانيء المركبة في جرح العملية ونبهت الممرضات والدكتور لأكثر من مرة إلا أنهم لم يعيروني اهتماما وتركو زوجي ينزف لأكثر من 14 ساعة حتى أصبح النزيف جارفا فأصيب بهبوط حاد في الدورة الدموية نتج عنها فشل كبدي وكلوي مع قصور الرئتين أيضا بعد وقف النزيف وسؤالي هو: أنني منذ وفاة زوجي وأنا حزينة جداً وقلبي موجوع على ماعاناه من آلام وإهمال من المستشفى رغم أن المستشفى من مستشفيات الخمس نجوم ونفسي تحدثني أنني قصرت في حقه وكان لا بد أن أقلب المستشفى عندما رأيت الدم، وأشعر بندم رهيب خاصة وأنني كنت أشد عليه بعد إجرائه للعملية ليقوم من السرير ويتمشى لكي يطيب الجرح كتعليمات الأطباء ويقول لي إنه لا يستطيع، فأنا راضية بقضاء الله، ولكن نفسي حزينة جداً وقلبي موجوع على زوجي خاصة عندما أتذكر حنيته معي ومع ابنتي التي ليست ابنته، حيث إن والدي توفي وعمري سنتان ولم يكن لي إخوة وتزوجت قبل زوجي من رجل قاس جداً فكان زوجي هو النسمة الوحيدة الجميلة التي حنيت علي وأحسست بالأمان معه وتحدثني نفسى أن الله كان قادرا أن يتركه لي لنعيش معا في طاعته وخاصة أنني كنت أسجد لله وأبكي بكل ذرة في كياني أن لا يحرمني منه، فهل بهذا التفكير والحزن أكون مغضبة لله، فأنا محبة جدا لله، ولكن حزني على زوجي غصبا عني ودائما أقاوم حزني بالصلاة وقراءة القرآن والتسبيح باستمرار، ولكن رغم ذلك قلبي موجوع جداً على زوجي، وآسفة على الإطالة.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر من سؤالك أنه لم يكن منك إهمال، أو تقصير في حق زوجك، فلا مسوغ لتلك الهواجس، وإنما الواجب عليك الصبر على قضاء الله والتسليم لأمره، وليس الحزن على فراق زوجك مما ينافي الصبر ما دام لا يحملك على قول، أو فعل مخالف للشرع، لكن لا بد أن تكوني على يقين بأن قدر الله كله رحمة وحكمة، فهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالحنا وأرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، قال ابن القيم: والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئاً وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان علياً.

واعلمي أن عاقبة الصبر خير عظيم، فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيراً منها ـ إلا فعل الله ذلك به، قالت أم سلمة، فلما توفي أبو سلمة قلت ذلك ثم قلت ومن خير من أبي سلمة؟ فأعقبها الله رسوله صلى الله عليه وسلم فتزوجها.

رواه مالك في الموطإ.

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 108164.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني