الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم حرام، وهو من أكبر الكبائر بإجماع المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. أخرجه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: إن تعمد وضع الحديث حرام بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير: هذا وعيد شديد يفيد أن الكذب عليه من أكبر الكبائر، بل عده بعضهم من الكفر قال الذهبي: وتعمد الكذب عليه من أكبر الكبائر، بل عده بعضهم من الكفر، وتعمد الكذب على الله ورسوله في تحريم حلال، أو عكسه كفر محض. اهـ
وتجب التوبة النصوح مما حصل منك والندم والعزم على عدم العود، فإذا حصلت منك توبة مستكملة لهذه الشروط فنرجو الله أن يغفر لك، فقد قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طـه:82}.
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.{الزمر:53}
و في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن ـ وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم : الندم توبة. رواه ابن ماجه وغيره، وحسنه الألباني.
ولا شك في أن ما وصفته من ندمك وحرصك على التكفير وحزنك يعتبرخطوة هامة إلى التوبة، فواصل توبتك وأكثر من أعمال البر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.
واعلم أن احترام العلماء ثبتت فيه عدة نصوص سبق أن ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 33346، ولا حاجة لاختلاق أحاديث مكذوبة في شأنهم.
وأما وقد قمت بما ذكرت فلا نعلم كفارة بخصوص ذلك إلا ما امر به الله تعالى العصاة من الإكثار من عمل الصالحات كما في قوله تعالى : فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39}. وقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. { الأنعام:12}
ويتعين أن تخبر من افتريت الحديث أمامهم أنه ليس حديثا نبويا، وإذا تعذر عليك لقاء بعضهم فنرجو أن لا يمنع ذلك من قبول توبتك، فقد نص العلماء على أن من تاب من ذنب بعد أن تعاطى سببه، فقد أتى بما هو واجب عليه، وإن بقي أثره، كمن رجع عن بث بدعة بعد أن كثر أتباعه فيها، وإلى هذا أشار صاحب مراقي السعود بقوله:
من تاب بعد أن تعاطى السببا فقد أتى بما عليه وجبـا
وإن بقي فساده كمن رجـع عن بث بدعة عليها يتبع
والله أعلم.